20 إبريل 2024 م


5 ديسمبر 2018 م 2131 زيارة

عربية world news: 

هي الصوت الحر الذي بلغت زمازمه أعنان السماء؛ لتفتح أفقاً فسيحاً من الحرية والحلم المرتقب والعيش الكريم، واللسان الناطق باسم الحب والإخاء والعدل والكرامة والقيم والمناقب، والنور المتوهج من بين ثنايا المعمور؛ ليمحو ظلام الجهل والتخلف والظلم والمثالب.. وهي السلاح الناعم الذي تقهقرت أمامه جيوش الطغاة، وثكنات الجهل، وترسانات القهر، وبراكين الطوائف، وكرابيج العنصرية والمذاهب.. وهي الحرف الفاصل والكلمة الأولى والعقل الناضج والعين المراقب.

اسمها نسجٌ من النبوءات والقداسة، جمع بين هدهد سليمان، وصحف ابراهيم وموسى، ومصحف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. كل حرف من أحرفها النيِّرة يحمل معاني حميدة وثوابت أصيلة ومكارم فضيلة، فالصاد صدق القول والحرف والمعنى،
وصورة بديعية لحياة نعيشها، والحاء حكمة مثلى، وحكم أنقى، وحُلُم أسمى، وحرية فسيحة، وحقوق وفيرة، والألف ألفة وانسجام وأخوة وارتقاء، والفاء فكر مستنير وفقه منير، وفرادة مستدامة، والهاء همة كبرى، وهيام نحو الأرض والإنسان.. نعم.. إنها الصحافة؛ ولأجل ذا عشقتها بجنون. تظل هي الإسم الأمثل، والقلم الأنقى والأشرف مهما تكاثرت عليها الأقوال، وتقاطرت في حقها الاتهامات. 
قيل عنها فتنة وتضليل وتدليس، وليس العيب فيها بل؛ في أناس عللوها فأخطأوا التعليل، واستخدموا منها سبلاً لأكاذيبهم، وسلاحاً يرشقون منه نيران الغيظ من خلف سهوب دجلهم ومراوغاتهم، وأبواقاً يمارسون بها ضجيجهم المعتاد. "إن حملة صحفية متقنة تستمر لمدة شهرين كفيلة بأن تقود الفرنسيين جميعهم إلى الإيمان بالله".. هذه المقولة الخالدة شدتني جيداً لأذكر لك قارئي ملامح من فضائلها ودورها في تشييد بنية المجتمع والإنسان، فجوقة من الأقلام النيِّرة تبعث من ذراري المفسدين نخبة صالحين وصفوة نافعين، وتزرع في قلوب الظالمين رحمة ولينا، ونزر من القول الحسن يغدق على أنفس المترحين بهجة وبسمة، ونبراس أمل وضاء. هي مهنة البحث عن المتاعب والصعاب، وعن حلول لها. تحمل على عاتقها هموم المظلومين، وأحزان الكادحين والتعساء والمنكوبين، ويرتمي بين أذرعها كل من له مطلب أو قضية أو شكوى.. وهي الناصح الأمين والناصر العدل والمنقذ الهمام. هكذا تظل الصحافة رفيقة الدرب ولسان الحال في أوقات السعادة والمرح، والتعاسة والحزن، ويظل الصحافي هو الهدهد السليماني الناقل الذي بهمته وصدقه أخرج قوم سبأ من الظلمات إلى النور.. "ولأجل ذلك عشقتها بجنون".  ولست أبالغ في القول بأن أجمل كلمات قرأتها وتأثرت بها هي التي كتبها رائد الصحافة  "مصطفى أمين": (أشعر وأنا أمسك بقلمي أنني أعانق أجمل امرأة في العالم، ولهذا عشت قصة حب طويلة ولا أتصور أني أعيش يوماً بغير قلم، فلقد كان هذا القلم دائماً صديقي وحبيبي أعطيته وأعطاني، عشقته وأخلص لي، وعندما أموت أرجو أن يضعوه بجواري في قبري فقد أحتاج إليه إذا كتبت تحقيقاً صحفياً عن يوم القيامة).. ومن يمارس مهنة الصحافة بشغف، وصدق، وتحر وموضوعية كمصطفى أمين، فإنه لمن الطبيعي أن يوصي بأن يدفن وبجواره القلم؛ ليكون شفيعاً له عند ربه.. "فعشان كذا عشقتها بجنون.. وأحببتها حتى المنون".

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI