23 إبريل 2024 م


14 فبراير 2019 م 1480 زيارة

وورد نيوز عربية- متابعات:  القمة التي ستعقد اليوم في وارسو بمشاركة زعماء من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل والدول العربية، تستهدف إقامة تحالف دولي يضغط على إيران وفرض على دول رافضة للانضمام إلى العقوبات التي فرضها ترامب في تشرين الثاني. مع ذلك، فإن هذه القمة تشبه أكثر حفلاً، والكثير من المدعوين إليه يصلون مع قناع ضد الرائحة الكريهة.
نجم المؤتمر كان يجب أن تكون إيران، ولكن الاختلافات في الرأي بين عدد من الدول الأوروبية وواشنطن حول العقوبات أدت بعدد منها ـ مثل المانيا وفرنسا، إلى إرسال ممثلين بمستوى منخفض. وزير الخارجية البريطاني أعلن بأنه سيمكث وقتاً قصيراً، في حين أن تركيا، العضوة الهامة في الناتو وحليفة إيران، لن ترسل مندوباً عنها وأعلنت بأن سفارتها في وارسو ستتابع القمة. في المقابل، السعودية والكويت ودولة الإمارات والبحرين والأردن وعُمان وإسرائيل أرسلت رؤساء الدول أو وزراء الخارجية، أما مصر فيمثلها نائب وزير الخارجية.
مصالح خاصة
كل دولة من هذه الدول لها مصالحها الخاصة، ومشاركتها لا تبرهن على الموافقة أو استعدادها للقيام بعملية مشتركة ضد إيران. بالنسبة لبولندا المضيفة، فإن أهمية القمة هي في الرسالة التي تأمل في نقلها إلى روسيا (التي تعتبرها تهديداً استراتيجياً). وحسب هذه الرسالة فإن الشراكة بينها وبين الولايات المتحدة هي دائمة. وهي أيضاً تطمح إلى أن تنشئ الولايات المتحدة قاعدة عسكرية ثالثة على أراضيها، إضافة إلى الصواريخ البالستية المنصوبة في أراضيها. العقوبات ضد إيران التي تدعمها، لا تعنيها بشكل خاص. السعودية وإسرائيل وأمريكا تسعى إلى إقامة آلية للتعاون الدولي هدفها وصلاحيتها ضبابية. إذا كانت النية هي إجبار إيران على إجراء مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد ووقف مشروع الصواريخ البالستية، فإن تفسير ذلك هو أن هذه الدول تعتبر إيران محاوراً شرعياً يمكن الاعتماد عليه في تنفيذ اتفاقات مستقبلية.
إذا كانوا يعتبرون إيران هكذا، يمكن التساؤل لماذا انسحب ترامب من الاتفاق بدل أن يدفع قدماً بمفاوضات أخرى مع إيران. إذا كان الهدف هو إقامة تحالف واسع يؤيد العقوبات، والذي سيجبر إيران على الخضوع لطلبات الولايات المتحدة بدون تفاوض، فإن هذا المؤتمر لا يمكن أن يفيد في هذا الشأن لأنه بدون روسيا والصين والعراق فإن الثقوب في العقوبات يمكن أن تكون أوسع من أن ينجحوا في لي ذراع إيران.
إيران التي تعارض بشدة تغيير الاتفاق النووي وتعارض أي تدخل في مشروع الصواريخ البالستية أوضحت في السابق أنها لا تنوي إجراء مفاوضات حول هذين الموضوعين. حسب تقديرها، أي مفاوضات مع الولايات المتحدة ستفشل لأن واشنطن أثبتت بأنها شريكة غير موثوقة في الاتفاقات. معظم دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، العرابون الأوروبيون للاتفاق، تعتقد أنه يجب بقاء الاتفاق على حاله، وأن يتم رفع العقوبات عن إيران حسب ما كتب في الاتفاق، وإجراء مفاوضات بشأن تعديل الاتفاق وبشأن المشروع النووي الإيراني.
هذه الدول الثلاثة تحاول الآن تجاوز نظام العقوبات الجديد بواسطة «وسائل دعم التجارة» (ان ستيكس) التي تمكن من التجارة مع إيران بواسطة شركة تمويل مشتركة لا تستخدم الدولار كعملة للتجارة. هذا الاختراع لا يمكن أن يستبدل اتفاقات التجارة الكبيرة التي وقعت عليها إيران مع شركات أوروبية وشركات أخرى بعد الاتفاق النووي، وهو لن يساعدها في التغلب على الأزمة الاقتصادية، لكن ربما سيشجعها على التمسك بالاتفاق النووي وعدم العودة إلى برامج التطوير. في نفس الوقت، الالتفاف الأوروبي يوضح الفجوة العميقة بين دول الاتحاد وواشنطن، وهي فجوة كل ملذات الضيافة البولندية لن تتمكن من التغلب عليها. وبدون أن تقصد ذلك، تبني سياسة ترامب كتلة أوروبية وروسية وتخلق اتحاداً دولياً بديلا عن الأمم المتحدة. هذان المنتوجان يمكن أن يخدما إيران.

الرياض والقدس
الرياض والقدس هما الشريكتان، المفهومتان ضمناً، في كل السياسات ضد إيران، لكن هذا لا يعني أن السعودية وزميلاتها في فرقة دول الخليج ستكون مستعدة لعناق إسرائيل، بالأساس في أعقاب سياستها إزاء النزاع مع الفلسطينيين. هذه القمة كان يمكن أن تدفع قدماً التعاون بين إسرائيل والدول العربية لو أن الولايات المتحدة وإسرائيل وافقتا على أن تتضمن النقاشات أيضاً النزاع، لكن في حينه كان سيكون مشكوكاً فيه أن نتنياهو مستعد للوصول إلى هذه القمة. بالضبط مثلما أن محمود عباس لن يصل بسبب المقاطعة التي يفرضها على الإدارة الأمريكية.
بالنسبة لنتنياهو، هذه فرصة لالتقاط الصور مع الزعماء العرب الذين ليست لهم علاقات رسمية مع إسرائيل، صور بالتأكيد ستزين اللافتات الكبيرة لليكود. يمكن الآن التقدير بأن رزمة الهدايا التي سيعود بها من وارسو ستتضمن بالأساس كلمات عالية وتصريحات فارغة، بدون إنجاز حقيقي في موضوع التهديد الإيراني.
مع ذلك، لقاء عربي إسرائيلي كهذا للمرة الأولى منذ القمة الدولية التي رافقت اتفاقات أوسلو في التسعينيات، هو تجديد إيجابي، حتى لو لم يثمر عن نتائج سياسية ملموسة مثل إقامة علاقات دبلوماسية أو اتفاقات تجارية، ربما تدفع قدما تفاهمات من خلف الكواليس وتخفف من الرفض العربي الرسمي الجارف للاتصالات مع إسرائيل وتعزز أسس الاتفاقات الرسمية الموجودة بين القدس ومصر والأردن. التناقض الذي هو بالتحديد بفضل إيران أو بسببها، أنشأ بنية سياسية جديدة، التي كما يبدو لم تكن ستنشأ لولا المصالح الاستراتيجية المشتركة لهذه الدول المتعادية.

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI