19 إبريل 2024 م


9 مارس 2020 م 1304 زيارة

WORLD NEWS
عربيه-متابعات: تعز – لا توجد نية دولية لوقف الحرب في اليمن، بل لإدارة استمرارها بعيداً عن السواحل والموانئ المطلوبة.
مؤشرات عدة تؤكد ذلك في ظل إدارة بريطانيا للملف اليمني، وتحكمها في معظم تفاصيله، إذ عادت الأطماع البريطانية بقوة في اليمن، هذه المرة ليس في النطاق الجنوبي للبلاد، وإنما في ساحلها الغربي.
وبات التوجه البريطاني واضح المعالم نحو مزيد من التمزيق واختلاق المزيد من المكونات المتصارعة.


ويقول الباحث برهان الصهيبي، لـ”المشاهد” إن ميناء الصليف في الحديدة وساحل تعز على البحر الأحمر، هما الهدف والجائزة التي تسعى لها بريطانيا عبر ما يسمى تحالف المحيطات الذي تم إعلانه في يونيو 2017، واعتماد بريطانيا مركزاً له.


وتزامن ذلك مع تعيين ثالث مبعوث أممي بريطاني الجنسية، إلى اليمن، بضغط من سلطة بلده، بهدف تنفيذ مخطط تحالف المحيطات، وليس لإحلال السلام.
ويضيف الباحث الصهيبي، أن بريطانيا وجدت في مسؤولي الحكومة، رخاوة وانعدام مسؤولية ووعي، حفزت أطماعها أكثر، فمسؤولو الحكومة في تيه وفساد وتصارع مصالح ذاتية، غير مدركين مقدرات البلد.
وتكمن أهمية ميناء الصليف في أنه مهيأ بغاطس طبيعي من 20 إلى 35 متراً، مما يجعل فرصه واعدة، وفقاً للصهيبي، وإمكاناته الطبيعية تفوق أي ميناء على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.


ولإبراز هذه الأهمية، يمكن المقارنة مع قناة السويس،
ففي 31 ديسمبر 2014 تم اكتمال مشروع تعميق القناة إلى 24 متراً من 18 متراً، ودشن المشروع بعبور أكبر سفينة حاويات عملاقة تحمل 19 ألف حاوية، وبغاطس 16.5 متراً. تلاه عبور أكبر سفينة عملاقة وصلت بريطانيا ودشنتها مركزاً لتحالف المحيطات، منتصف 2017.

ساحل تعز وميناء الصليف هدف لتحالف المحيطات

تكشفت في الآونة الأخيرة ملامح مخطط لفصل ساحل تعز عن المحافظة.
ولم يعد الأمر مجرد تكهنات، وإنما أفعال على الأرض، وخطوات باتجاه فصل مناطق ومديريات الساحل، في إطار إقليم خارج سيطرة الحكومة.
وقد انفجر الصراع مؤخراً بين السلطة المحلية ومحور تعز وبين القوات المشتركة (يقودها طارق صالح) التي تحكم قبضتها على مدينة المخا. ويتهم طارق صالح بالعمل على تنفيذ مخطط خارجي يهدف للسيطرة على ساحل تعز، وتمزيق المحافظة.

ويقول الصهيبي إن ساحل تعز يشبه ساحل دبي الواقع بعد مضيق هرمز، ويتفوق عليه بميزة هامة، فهو يمتد من باب المندب وحدود عدن إلى حدود محافظة الحديدة، على مسافة 111 كم، ويتميز بهدوء الأمواج بسبب حماية يوفرها مضيق باب المندب الذي يعزله عن امتداد المحيط المتصل ببحر العرب الأكثر عرضة للعواصف وهياج الأمواج.


إن وجود المضيق يجعل الميناء واعداً ومناسباً لإنشاء موانئ صناعية بواسطة كاشطات الرمل من القعر، وإنشاء أرصفة وكواسر أمواج صناعية معززة بالصخور لمنع تسرب الرمال.

ويضيف الصهيبي أن ميزة ساحل تعز أنه أقرب ميناء لخط الملاحة الدولي الأهم في العالم، وتتمثل أهمية ذلك في اختصار المسافة وتحقيق وفر في كلفة النقل، ما يعني انهيار دبي حال استثمار هذه الموانئ بهذه الطريقة السهلة المغرية للشركات ذات الإمكانات العادية نسبياً، مقارنة بإمبراطوريات المحيطات، فضلاً عن أهمية المسافة التي يختصرها الساحل التعزي، والتي تزيد عن 3500 كم ذهاباً وإياباً إلى ذات النقطة لخط الملاحة الدولي، إذا ما عرفنا أن السفن العملاقة تحرق 10 أطنان من الوقود لكل 45 كم، وتقطع تلك المسافة في ساعة، وهذا يعني وفراً مهولاً في الوقت والإمكانات التي تصب في صالح ساحل تعز.

الدافع الحقيقي لخروج بريطانيا من عدن


بالعودة إلى الماضي، يقول الصهيبي إن بريطانيا استغنت عن عدن في 30 نوفمبر 1967، حيث أدركت أن عدن لم تعد مناسبة كميناء يلائم مستقبل الملاحة لجيل السفن العملاقة، فعمق مينائها لم يكن يتجاوز 11 متراً إلى 15 متراً، ما يعني أن أقصى غاطس آمن للسفن التي يستقبلها الميناء، لا يتجاوز 10 أمتار.
إضافة إلى صعوبة تعميق ميناء عدن المكون من صخور بركانية صلبة بعمق يناسب استقبال سفن عملاقة مستقبلاً.


وهذا -بحسب الصهيبي- كان أحد أبرز الدوافع والأسباب وراء قرار بريطانيا بالجلاء عن عدن، والاستغناء عن مينائها الذي كان السبب في احتلالها للجنوب لانتهاء أهميته. فيما ظلت محافظة على ميناء هونج كونج، حسب اتفاقية انتهت عام 1997.
وكانت قناة السويس بعمقها البالغ 18 متراً، هي المعيار الذي يتحكم في مواصفات بناء السفن.

ما خفايا اللعبة البريطانية في اليمن؟

يعد الصهيبي أول باحث يطرق هذا الموضوع، كاشفاً الدوافع الخفية للسياسة البريطانية الراهنة في اليمن، وإصرارها على تدبير اتفاق السويد لتوقيف معركة تحرير مدينة وموانئ الحديدة، لا من أجل السلام في اليمن، وإنما لتحقيق غايات بريطانية صرفة.


من وجهة نظره، تمارس بريطانيا لعبة إلهاء، وهدفها ميناء الصليف الواعد ذو المزايا الطبيعية المغرية لتحالف المحيطات البريطاني.


ويقول الصهيبي إن ميناء الحديدة ليس هدفاً لتشابه طبيعته مع ميناء عدن، وتواضع إمكانياته الطبيعية القابلة للاستثمار، وصعوبة تعميق غاطس الميناء.
إن الهدف، من منظوره، هو ميناء الصليف الواعد ذو المزايا الطبيعية الفائقة، وهو أمر عملت بريطانيا على التعتيم عليه والتعمية.


بينما يتم الإلهاء عبر اتفاق ستوكهولم، وإبراز الملف الإنساني، والدخول في جولات عبثية ومسرحية متصلة بتنفيذ الاتفاق الذي لم ينفذ منه شيء، فقد صمم الاتفاق للإلهاء، وليس للتنفيذ الفعلي.


وهذا ما يوضح اليوم الموقف البريطاني الذي أعلنه السفير مايكل آرون، بكل سهولة وخفة، بقوله إن “اتفاق السويد لم يعد مهماً، وإن الذهاب إلى مشاورات حل شامل هو الهدف”.

دور غريفيث المعطل

عندما سئل المبعوث الأممي مارتن غريفيث، عن السقف الزمني الذي حدده لانطلاق مشاورات الحل النهائي، قال إنه يجب أن تنطلق الآن وحالاً.
وإن الهدف الوحيد لهذه الجولة، بحسب الحكومة ، هو شرعنة” انقلاب جماعة الحوثيين”، وتمكينها من الهيمنة على القرار تحت مسمى حكومة وحدة وطنية، لتكرار نموذج حزب الله في لبنان.


وسبق أن وجه مسؤولون بالحكومة اتهامات لغريفيث، ومن ورائه بريطانيا، بالعمل على إضعاف وتصفية الحكومة لصالح مجموعات مسلحة موالية الإمارات، ومن خلفها بريطانيا.


إن التوغل في تفاصيل الصراع الراهن، يقود إلى أن الصراع البحري وتحالف البحار والمحيطات في بريطانيا، هو المحرك الرئيس للكثير من المجريات.
ورغم ثبوت أدواره المشبوهة، يحصل غريفيث على ما يلزمه من ضغوط دولية للحيلولة دون إقالته وتغييره.

ويقول الصهيبي إن غريفيث هو ذراع المخطط لوضع يدها على هدفها الأهم، وهو ميناء الصليف.


ويشير الباحث إلى أن المبعوث البريطاني الجنسية، وعبر اتفاق ستوكهولم، أوقف الزحف على ساحل مدينة الحديدة وموانئها من جهتي الشمال (مدينة حرض)، والجنوب، بمسافة آمنة ومتساوية قدرها 60 كيلومتراً من الجهتين.
فمن جهة الشمال، كانت جبهة الحكومة تجاوزت مديرية ميدي بمحافظة حجة (شمال غرب البلاد)، وتوقفت في حيران على بعد 60 كيلومتراً من ميناء الصليف.
ومن جهة الجنوب، توقفت قوات الحكومة على مشارف مدينة الحديدة، بعد أن تحاوزت 100 كيلومتر في يوم واحد، لتتوقف عند تخوم المدينة.

لماذا تمانع بريطانيا بقوة استكمال استعادة الحديدة؟
الإجابة، ببساطة، لأنها تخشى أن تتطلع الحكومة أو دول أخرى، لاستثمار ميناء الصليف، وفقاً للباحث الصهيبي.


وحول الاهتمام البريطاني بالملف اليمني، يقول الباحث إنه منذ يونيو 2017، ومع اعتماد بريطانيا كمركز لتحالف المحيطات، هيمن هذا التحالف على قرار التحالف العربي لدعم الحكومة في اليمن، وجعل دور السعودية والإمارات هامشياً، انطلاقاً من أهداف تحالف المحيطات.


ويؤكد أن هذا التحالف هو وراء منع تحرك جبهتي الحكومة في شمال وجنوب مدينة الحديدة، لاستكمال تحرير المدينة وموانئها الثلاثة، لما يمثله ذلك من خطر على تحقيق الهدف الدولي، باستثمار أهم ميناء طبيعي في البحر الأحمر.
ويقول إن بريطانيا سارعت لتحقيق هدفها عبر ترشيح وتمكين مبعوث أممي من مواطنيها، هو غريفيث، منذ اعتمادها كمركز دولي لتحالف المحيطات، في يونيو 2017م، وأنها ما كانت لتفوت هذه الفرصة التي صنعتها كدولة تدرك أهمية النقل البحري والتجارة البحرية.

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI