25 مارس 2025 م


13 فبراير 2025 م 109 زيارة


بقلم / عامر تمام

في تحول مفاجئ ومثير للجدل، تسارعت بعض الدول الغربية في دعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، الذي يُعد الرئيس الفعلي لهيئة تحرير الشام، وهي جماعة صنفتها الولايات المتحدة الأمريكية ضمن قائمة الإرهاب.

هذا التحول السياسي المفاجئ يثير تساؤلات حول دوافع دعم الغرب لهذا النظام الذي يعتبره البعض متورطًا في أنشطة إرهابية وقمعية.

تأييد غربي متناقض

في خطوة مثيرة للدهشة، وعد المستشار الألماني أولاف شولتس بتقديم دعم بلاده لسوريا في مرحلة انتقالية بقيادة أحمد الشرع، مؤكدًا على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تضم جميع أطياف الشعب السوري، دون تفرقة على أساس عرقي أو ديني.

في نفس السياق، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن دعمها الكامل للسوريين في مساعيهم لبناء "سوريا حرة وسلمية".

ومن جانب آخر، كشف تقرير من وكالة "بلومبرغ" أن الاتحاد الأوروبي يدرس إمكانية رفع بعض القيود المفروضة على مصرف سوريا المركزي، والسماح بتوفير النقد، بالإضافة إلى إنهاء العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة السوري.

وبحسب خبراء في الشأن السياسي، تثير التحركات الغربية المتناقضة العديد من الأسئلة حول السبب وراء هذا التغيير المفاجئ في السياسة الأوروبية تجاه حكومة يواجه قادتها اتهامات بارتكاب انتهاكات، الأمر الذي يتناقض مع سياسات الغرب المعلنة في محاربة الإرهاب.

وفي وقت سابق، أفادت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بأن "أوروبا ستدعم" سوريا في المرحلة الانتقالية، لكنها شددت على أنه "لن يتم تمويل هيئات إسلامية جديدة".

وأكدت الوزيرة الألمانية أنها أبلغت الرئيس أحمد الشرع ومسؤولين آخرين في سوريا أن "حقوق المرأة ستكون مقياسًا" لتحقيق التقدم في مجال حقوق الإنسان. وأشارت أيضًا إلى أن رفع العقوبات عن سوريا سيعتمد على مدى تقدم العملية السياسية.

سمعة ملوثة

رغم الدعم الدولي الذي تتلقاه الحكومة السورية الجديدة، إلا أن سمعتها ما تزال مشوهة بسبب تورطها في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، مثل القمع السياسي والوصاية الدينية على المواطنين، إضافة إلى التضييق على حرية التعبير.

وفي ظل هذه الأوضاع، عاد الماضي ليلاحق وزير العدل الجديد، شادي الويسي، الذي أثار جدلاً واسعاً بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهره وهو يشرف على تنفيذ حكم الإعدام بحق امرأة بتهمة ممارسة الرذيلة.

وقد أثارت قسوة المشهد وفظاعة الحكم غضب العديد من السوريين، مطالبين بإقالة الوزير، الذي وصفوه بـ"ذي الفكر المتطرف".

واعتبر السوريين في تعليقاتهعم على الفيديو تعيين شادي الويسي وزيرًا للعدل بمثابة إهانة لقيم العدالة والإنسانية، ويشكل رسالة سلبية تؤكد غياب المعايير الأخلاقية والمهنية في النظام.

مستقبل مجهول

العديد من السوريين يعربون عن مخاوفهم من أن استمرار حكم الجماعات المتطرفة قد يعرقل مساعي التنمية الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها.

وقد أشار تقرير نشرته "اندبندنت عربية" إلى المخاوف المتزايدة بين المسيحيين في دمشق، خاصة في ظل هيمنة جماعات إسلامية متشددة مثل هيئة تحرير الشام.

هذه المخاوف تتجسد في شهادات مواطنين سوريين، مثل صاحب مطعم مسيحي وصيدلانية، الذين يعكسون حالة من القلق الشديد إزاء المستقبل المجهول في ظل هذا الحكم المتشدد.

تشير تقارير نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى تصاعد المخاوف من عودة سوريا إلى "عهد مظلم"، وذلك في ظل تزايد الاعتقالات والإعدامات، ما يعكس تدهور الوضع الأمني بشكل مقلق.

منذ بداية العام الجاري، وثّق المرصد مقتل 225 شخصًا في جرائم انتقامية وتصفية، من بينهم 6 نساء وطفل. تركزت عمليات القتل في محافظة حمص، حيث قُتل 97 شخصًا، بينهم نساء، نتيجة لاستهدافهم بسبب انتمائهم الطائفي.

تلتها محافظة حماة التي شهدت مقتل 63 شخصًا، بينهم امرأة وطفل، أيضًا نتيجة لكونهم مستهدفين بسبب انتمائهم الطائفي، وفقًا للمصدر ذاته. كما سجلت دمشق وريفها مقتل 24 شخصًا، بينهم نساء، نتيجة لانتمائهم الطائفي.

على الرغم من التحركات السياسية الأخيرة، تظل الصورة غير واضحة بشأن نتائج هذه السياسة. ولكن من المؤكد أن المجتمع السوري، بمختلف أطيافه، يواجه تحديات كبيرة في ظل استمرار سيطرة التنظيمات المتطرفة وتهديد الحريات الأساسية.

وبينما تسعى بعض الدول الغربية إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الحكومة السورية تحت قيادة أحمد الشرع، يظل المجتمع الدولي مضطرا لمراقبة هذا التحول بحذر بالغ، نظرًا للانعكاسات المحتملة على استقرار المنطقة.

 

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI