29 مارس 2024 م


30 مايو 2020 م 1607 زيارة

عربية WORLD NEWS خاص :نظرت إلى وجهها الصافي في المرآة، تأملت بريق عينيها ببرود قاتل وكأنها ترى امرأة أخرى.

تنهدت وفتحت أدراج زينتها فأخذت تزين وجهها. أصبغت وجهها بالكثير من الألوان حتى وصلت إلى قلم الشفاه، احتارت أي لون يناسب مزاجها اليوم، الأحمر، البني، الوردي..

قلبت الأقلام وبعصبية رمتها جميعها على الأرض، ثم نظرت إلى وجهها في المرآة نظرة انتقام، وسحبت قنينة عطر فقذفتها نحو المرآة، فتناثرت قطع الزجاج، وابتلت الأدراج والأرض بقطرات العطر كأنه شاهد على حروب غابرة وأشلاء جسد شهيد مازال ينبض، مسحت بيدها بقايا العطر، تعطر جسدها منه، وكأنها تريد الاغتسال في بحيرة من الماء العطر.

بلت جسدها كله منه، قامت لترتدي ثوبها الأسود. لبسته على عجل ونظرت مجدداً إلى المرآة، فرأت وجهها مشروخاً فضحكت، وضحكت، وضحكت، فانسابت من عينيها دموع مسحتها على عجل ، تنهدت وقامت مسرعة. حملت حقيبتها وكادت أن تخرج من الغرفة، فتذكرت أنها قد نسيت أن تصبغ شفتيها بأحمر الشفاه.

عادت وفتحت واحداً وألقته. وفتحت الثاني وألقته. وفتحت الثالث فأعجبها لونه الأحمر، ولم تنظر إلى مرآتها فلونت شفتيها منه وخرجت مسرعة. ركبت سيارتها وقادتها إلى طرقات متعددة، توقفت عند إشارة حمراء فجفلت، وسألت نفسها أين لها أن تذهب.

لا تدري حقاً أين تذهب؟ تغير لون الإشارة إلى الأخضر. فمشت، ومشت حتى رأت مطعماً وتوقفت عند بوابته متأملة.. ثم أوقفت سيارتها قريباً ونزلت، وكان الجو بارداً فارتعشت. دخلت فجاء من يساعدها، فشكرته بحركة من يدها. واتجهت نحو طاولة بعيدة تمكنها من أن ترى جميع الحضور من دون أن يلاحظها أحد.

أخرجت سيجارتها وبدأت بالتدخين بعدما طلبت فنجاناً من القهوة. ارتشفت قهوتها ببطء. ارتعشت يدها، وسقطت الفنجان على الأرض. تناثرت أجزاؤه. ضحكت، وضحكت مطولاً. أثارت ضحكتها انتباه الحضور. تأملت الوجوه دون مبالاة. ابتسمت بتهكم وأخرجت سيجارتها مجدداً وطلبت فنجاناً آخر من القهوة .. وقف رجل يتأملها لثوانٍ.. سحب كرسياً بجوارها وجلس قائلاً: أتحتاجين مساعدة؟ ضحكت من سؤاله قائلة:  أبحث عن المتعة. وأية متعة سيقدمها لك مكان بائس ووجوه مكفهرة!! –    

   الحب –    

   استجديه في بقايا الوجوه؟! ضحكت بتهكم، وقالت: بل سأجده في بقايا حجر. قامت وألقت بعض النقود على الطاولة ومشت مبتعدة. اوقفها احدهم وشدها من ذراعها جفلت وبصمت  نظرت إليه ليهمس لها قائلا : أتبحثن عن متعة ؟ ابتسمت بتهكم ولم تجبه، وكأنها تجيبه إيجابا . تأملته بدقة .  سحبها بيده لتركب معه دون اعتراض نحو الشاطئ، ثم نظر إليها، قائلا: ألا تنزلين؟! نزل وتركها وحيدة استغلت غيابه لتبحث عن شيء لم تجده.

عاد ومعه بعض الشطائر والعصير وطلب منها أن تأكل، لم تستمع إليه وأخرجت من حقيبتها سيجارة، أشعلتها وابتسمت، قائلة: أتريدني أن أشرب عصيراً وأنا من اتتوق للسكر ظل صامتاً وقاد سيارته نحو بيته. أوقفها ونزل منها وبقت جالسة حتى فتح لها الباب وسحبها سحباً.

أدخلها إلى البيت وأغلق الباب خلفه. رمى سترته وجلس على أقرب كرسي وفتح التلفاز. أخذ طعامه وبدأ يأكل.. وقفت تتأمله، ثم أخذت حقيبتها وخرجت مسرعة فقام وقبض عليها واستلمت له ليتركها بعد ذلك. فتحت عينيها على ضوء الشمس وهي تشعر بصداع قوي. تعجبت لدقيقة ثم نظرت إلى الغرفة. قامت بكسل ولملمت شعرها ومشت ببطء تترنح في مشيتها، دخلت الحمام، اغتسلت ولفت جسدها بمنشفة وخرجت، فتحت درج قريب أخرجت ثوباً، ارتدته على عجل وتقدمت نحو المرآة، رأت وجهها مازال مشروخاً وزجاج العطر منثورا على الأرض وأقلام الشفاه مبعثرة..

ابتسمت لجنونها. خرجت من غرفتها، رأته جالساً يقرأ صحيفة. نظرت إليه ونظر إليها من دون أي كلمة. تركته ودخلت إلى مكتبها لتكمل فصول روايتها. أكملتها. ثم استرخت في مقعدها وأغمضت عينيها، فدخل إليها قائلاً: كيف لي أن أطاوع زوجة مجنونة مثلك، مجنونة بالكتابة التي أوصلتك إلى الهذيان، وجعلتني مجنوناً مثلك.

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI