30 إبريل 2024 م


اسرة التحرير
12 مايو 2020 م 1659 زيارة
عربية WORLD NEWS: خاص

 الحمد لله رب العالمين حمد الصائمين القائمين , حمد المتصدقين المنفقين , حمدا لك ربنا وأنت القائل سبحانك في كتابك " فاستبقوا الخيرات " والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعامين الذي قال كما رواه الإمام البخاري " الصيام جُنة " , ثم أما بعد : معاشر الصائمين المؤمنين .. هذا رمضانكم .. هذا شهر زادكم .. لأيام دهركم .. وها قد مضى رمضان شطره .. وانقضى شطره .. واكتمل بدره .. فيا أهل رمضان .. واعجباً لسرعة أيامكم وهي تسير .. واعجباً لانقضاء ساعاتكم وهي تطير .. فإياكم ثم إياكم من طول الأمل لأنه سبب لسوء لعمل " غدا سأفعل .. غدا سأصلي .. غدا سأذكر الله " فإن ليت وسوف ولعل كلمات تسحبك إلى النار والعياذ بالله . فالحكمة من الصيام هي قوله سبحانه " لعلكم تتقون " واليوم يرحل ثلثي شهرنا المنتظر شهر رمضان المبارك , وقد انقسم فيه الناس على أصناف ثلاث كما وضح ذلك ربنا في كتابه حين قال : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ) فاطر32 . • فأما الذين ظلموا أنفسهم , فهم أولئك الذين ما سمعوا نصيحة الحبيب المصطفى " صلى الله عليه وسلم " كما روى الترمذي في الصحيح حين قال للأمة من بعده " رَغِمَ أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له " فهؤلاء القوم من الناس جعلوا شعارهم في رمضان , عذرا لك يا رمضان مدى الأيام عذرا , عذرا فلقد أغلتنا المسلسلات .. فلقد ألهتنا المناكفات .. فلقد أشغلتنا الغيبة والنميمة وكثرة المقولات . لكن الفرصة سانحة رغم أن رمضان أيامه تمر مر السحاب , ليتوبوا قبل أن يغلق الباب , وما أروع ما قاله لهم الشاعر يوما : أليس رمضان حصاد دهرنا وزادنا إلى يوم المعاد فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادما يوم الحصاد • أما الصنف الثاني من الناس فهم الذين حصروا أنفسهم في دائرة ضيقة من الأجر والثواب ولهم الجنات إن ثبتوا وصبروا حتى الممات . • أما الصنف الثالث من الناس الذين يريدهم الله سبحانه وأعد الله علياء الجنان , هذا الصنف علم بحق أن نفحات الخير قد تنزلت .. أن بساتين الجنة تزينت .. أن نسمات الأنس بالله قد هبت , فيرددون بلسان الحال " يا مرحبا بك يا ضيف الرحمن " . • عباد الله .. ما زالت أبواب الخير مفتوحة في رمضان .. لنفوز بالفرج من الوباء والبلاء ونزداد بالإيمان فهذا باب القرآن في رمضان ينتظر المقبلين عليه تلاوة وحفظا وتدبرا وعناية وتطبيقا في حياتنا , أما قرأتم كيف كان الحبيب " صلى الله عليه وسلم " يعارضه جبريل عليه السلام ويدارسه القرآن في شهر رمضان في كل ليلة حتى يختم القرآن مرة واحدة على يديه , ومن بعده الإمام الشافعي يختم القرآن في كل ليلة مرة واحدة . أما صلة الأرحام التي علقها الله في عرشه تنادي على المسلمين الصائمين " اللهم صِل من وصلني , واقطع من قطعني " . وأبواب الإنفاق والخير في رمضان تنتظر أصحابها , وهكذا كان قدوتنا الحبيب " صلى الله عليه وسلم " في رمضان منفقا جوادا كريما أجود من الريح المرسلة . وإن من أعظم أبواب الخير التي لا يجب على المسلم أن يغفل عنها في شهر رمضان المبارك هو باب الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه , ويكأن رمضان ينادي على أصحاب المشكلات والديون والهموم .. ينادي على أصحاب الأمراض والغموم , أينكم ؟ ألا فأقرأوا قول حبيبكم "صلى الله عليه وسلم" وهو يبشركم كما في الصحيح " ثلاث لا ترد دعوتهم .. وذكر منهم والصائم اذا أفطر " . فأبشروا أيها الصائمون القائمون بمغفرة للذنوب والمعاصي والآثام وجنة من الله ورضوان كما أخبر الحبيب محمد " صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري وغيره في أكثر من حديث " من صام وقام رمضان وليلة القدرإيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " . ولا ننسى ونحن نعيش البلاء من وباء كورونا في ظل شهر مبارك , نستحضر ما رواه البخاري في الصحيح لما سألت زوج النبي صلى الله عليه وسلم حبيبها رسول الله " صلى الله عليه وسلم " عن الطاعون فقال : " ذاك عذاب يبعثه الله على من يشاء – ويقصد بهم الكافرين كما قال العلماء – وإن الله جعله رحمة للمؤمنين " , ونرى اليوم في حاضرنا كيف أن فيروس كورونا الذي لا يُرى بالعين المجردة قد أوقف العالم والحدود والمطارات , كيف أنه أوقف الإقتصاد و الشركات , بل أوقف الحروب والمشكلات , وأصاب الناس بالملايين منهم وأمات . ألا ترون أنه يقتل في كل يوم ويحصد آلاف الأرواح هناك في أوروبا وإيطاليا وإسبانيا وأمريكا والعالم أجمع حتى نعلم أن الله على كل شيء قدير , بل حتى نعلم حقيقة قول ربنا سبحانه وتعالى " فأنزلنا على الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون" وكما قال المفسرون الرجز هنا إما أن يكون عذابا أو طاعونا أو وباءً .. فجاء كورونا اليوم منبهاً واعظاً مذكراً للناس أجمعين بقول رب العالمين " فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون " فتذكروا أن الوقاية واجبة , أن العودة إلى الله أوجب , ولكن في زمن الوباء أبى الناس إلا أن ينقسموا على قسمين اثنين , قسم يصبرون على ابتلاءاتهم و إلى الله يتضرعون ينيبون يردون الحقوق لأصحابها , و لئن قتلوا من هذا الوباء فانهم عند الله شهداء , بنص قول النبي " صلى الله عليه عليه وسلم " كما روى البخاري في الصحيح " الطاعون شهادة لكل مسلم " , وقسم من الناس ظلموا أنفسهم في علاقتهم مع ربهم , في حدود ربهم , في توزيع ميراثهم , في تعاملهم بالربا والمحرمات , في عدم استثمارهم للنفحات ولئن اصابهم الوباء ما صبروا بل سخِطوا على ربهم فلهم السخط والثبور إن لم يعودوا إلى الله الغفور . وهذه العشر الأواخر من شهر رمضان قد أقبلت , وتمعنوا ما رواه البخاري في صحيحه " كان النبي "صلى الله عليه وسلم " إذا دخل العشر شدَ مئزره , وأحيا ليله وأيقظ أهله " . فيا كلَ الناس ، هذا رمضانكم , هذا شهركم ، هذا خير نفحاتكم , توبوا إلى ربكم , تسابقوا بصالح اعمالكم , وتعلقوا بقرآنكم , صِلوا أرحامكم , تضرعوا لربكم , أن يكشف الله عنكم بلاءكم ووباءكم , حتى يُزيل الله غُمتكم , وتغفر ذنوبكم وأختم برسالة ربي في كتابه " واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين " والسلام ختام .. أ. أحمد المصري " أبو أنس .. عضو رابطة علماء فلسطين  

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI