29 إبريل 2024 م


7 ديسمبر 2023 م 158 زيارة

شهدت تركيا، في الفترة الأخيرة، حملة أمنية استهدفت من تسميهم السلطات التركية “المهاجرين غير النظاميين”، مع تأكيد السلطات أن عمليات الترحيل تشمل المهاجرين غير الشرعيين ومخالفي القوانين، حيث باتت مشاهد المعتقلين أمراً شبه يومي.

ووفقاً لـ “مشروع الاحتجاز العالمي” وهي منظمة غير حكومية سويسرية، فإن الانتهاكات التي لوحظت في مركز هارماندالي ليست فردية أو خارجة عن المألوف، بل إنها تزيل الستار عن الوضع السائد “في نظام الاحتجاز التركي”.

شادي واحد من الذين تم توقيفهم يحدثنا عن توقيفه وما تعرّض له:

“تم توقيفي في إسطنبول وتم تحويلي إلى مركز الترحيل التابع لتوزلا، احتجزنا هناك لمدة يومين في ملعب لكرة السلة مفتوح من جميع الأطراف، لم تكن المعاملة إنسانية، وعرضوا علينا أوراق الإعادة الطوعية للوقيع عليها، ومن يرفض التوقيع أو يقرأ الأوراق،يتعرض لتعنيف نفسي وجسدي بشكل كبير.

كان عددنا يقارب الـ 500 شخص، وبينهم أطفال ونساء ومسنين، كنا نحصل على وجبة واحدة (شطيرة صغيرة) في اليوم مع ربع ليتر من الماء، وهو نوع من الضغط كي يوقع المحتجزون على أوراق الترحيل، تم نقلي بعد ذلك إلى مخيم حران المؤقت في مدينة شانلي أورفة، استغرقت الرحلة 20 ساعة، ورغم توقف الحافلة في عدة محطات، تم منعنا من استخدام (الحمّام) أو طلب الماء، وكنا مكبلي الأيدي طوال الرحلة.

في مخيم حران المؤقت تمت مصادرة الأغراض الشخصية ومنها الهواتف، ومنعنا من التواصل مع أحد حتى عائلاتنا، كانوا يسمحون لنا بالاتصال أحياناً لمدة لا تتجاوز ثلاثة دقائق.

تم ترحيل عدد كبير من السوريين في المخيم رغماً عنهم مع أنهم من حملة الكيملك أو الإقامات، ومن رفض التوقيع على وثائق العودة الطوعية كان يتعرض للإهانة والضغط النفسي.

أنا من الموقوفين الذين رفضوا التوقيع، فوضعت ومن معي في إحدى حاويات المخيم لمدة 45 يوماً وكان الوضع سيئاً لدرجة لا تحتمل، الطعام قليل جداً، فعلى سبيل المثال كانت وجبة الإفطار نصف صحن من شوربة العدس ووجبات الغداء والعشاء تكون موحدة، قليل من الأرز، وجبة صغيرة تكاد لا تكفي طفلاً صغيراً، ومعظم الموقوفين ينامون على الأرض دون فراش أو غطاء، وكنا نتعرض للتهديد بعدم رؤية محامينا، ومنع الهواتف والترحيل الإجباري، وأخرونا بأننا في مركز ترحيل وليس مخيم احتجاز.

موقف المنظمات الحقوقية عن الانتهاكات في السجون التركية

التقينا الأستاذ طه الغازي الناشط بمجال حقوق اللاجئين الذي تحدث عن بيان صحفي أصدره مركز حقوق اللاجئين (مركز الهجرة واللجوء) في نقابة المحامين الأتراك في ŞanlıUrfa تناول واقع اللاجئين السوريين في كلٍ من مديرية الهجرة ومركز الترحيل في الولاية، كذلك تطرّق البيان لانتهاكات جمّة بات اللاجئون السوريون يتعرضون لها في تلك المراكز في ميدان سياسة (منهجية) الإعادة القسرية المفروضة عليهم من قبل رئاسة الهجرة. وقال الناشط طه الغازي: “في مركز الترحيل يتم انتهاك حقوق اللاجئين السوريين في ميدان لقائهم مع محاميهم أو ذويهم وذلك من خلال منع الكوادر الحقوقية من مقابلة موكليهم بذرائع شته كعدم وجود اللاجئ السوري في مركز الترحيل أو عدم تقديم أي بيانات أو معطيات تتعلق بملف اللاجئ الموقوف كذلك تأخير اللقاء لعدة أيام بين الكوادر الحقوقية وموكليهم الأمر الذي قد يؤدي في اغلب الأوقات الى نقل اللاجئ السوري الى مركز ترحيل آخر في ولاية أخرى.

يعاني مركز الترحيل في نقص حاد في عدد الكوادر الوظيفية العاملة فيه كذلك تكمن المعاناة في وجهها الاخر في عدم اطلاع والمام هذه الكوادر الوظيفية بالقوانين والتشريعات المتعلقة بنظام الحماية المؤقتة والفقرات الإدارية المقترنة بها.

كذلك تمثلت المعاناة في شقها الإضافي بعدم رغبة القائمين في إدارة الهجرة ومركز الترحيل في اجتماع مع أعضاء نقابة المحامين او الهيئات الحقوقية في سبيل مناقشة الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا وفي تلك المراكز تم توثيق الحصول على عدد من اللاجئين السوريين على قرار من المحكمة ينص على إنهاء التوقيف الإداري بحقهم ولكن وبالرغم من قرار المحكمة قامت مديرية الهجرة بفرض قرار توقيف اللاجئ مرة ثانية في مركز الترحيل هذا القرار يعتبر غير قانوني ويعتمد بشكل كلي وتام على كيفية ومزاجية مصدر القرار 

خلال الفترة الماضية تجلت تغيرات سياسة الحكومة التركية تجاه ملف الهجرة واللاجئين السوريين حيث زادت عمليات الترحيل القسرية تجاه ما تنتجه إدارة الهجرة في حق اللاجئين السوريين وتفاقمت بمنحى تصاعد انتهاكات القانون في كل من قرارات وممارسات في مديرية الهجرة ومركز الترحيل.

تم توثيق تعرض عدد من اللاجئين السوريين لانتهاكات جمة كالعنف النفسي والجسدي من قبل عدد موظفي مراكز الترحيل وذلك بغية الزامهم بالإكراه على توقيع العودة الطوعية.

كذلك تجلت انتهاكات جانب عدم فحوى موضوع الأوراق التي يتم اللاجئ التوقيع عليها وادعاءات أنها أوراق استلام البيانات أو الأغراض الشخصية بالوقت التي تكون فيها هذه الأوراق هي وثائق العودة الطوعية.

إن مديرية الهجرة ومراكز الترحيل قامتا بتطبيق قرارات الترحيل على عدد من اللاجئين السوريين إلى مناطق الشمال السوري بالرغم من عدم وجود قرار ترحيل بحقهم، وبالرغم من تقديم الكوادر الحقوقية طلبات إيقاف ترحيل الصادر بحق موكليهم وكذلك تم توثيق قيام بعض الموظفين التوقيع على بيانات العودة الطوعية نيابة عن اللاجئين السوريين الذين رفضوا ذلك، ما يعتبر تجاوزاً عنصرياً في القوانين والتشريعات الموضوعة في هذا المسار”

من أهم النقاط/المحاور التي لامسها البيان:

القرارات والممارسات التي باتت تطبقها كل من مديرية الهجرة وإدارة مركز الترحيل على اللاجئين السوريين هي قرارات وممارسات غير قانونية، وغدت في سياق وإطار (السياسة الممنهجة) في طريقة تعاطي وتعامل هذه الجهات مع ملفات وقضايا اللاجئين السوريين.

القرارات والممارسات غير القانونية في حق اللاجئين السوريين والصادرة عن مديرية الهجرة وإداراة مركز الترحيل زادت بشكل جلي خلال الأشهر الفائتة، وهي (القرارات والممارسات) مقترنة بالطابع التعسفي والكيفي لدى بعض عناصر السلطة أو مراكز القرار، وهي تتنافى مع قيم ومبادئ الحقوق والحريات الأساسية. 

حيث أكد البيان أنه يتم انتهاك حقوق اللاجئين السوريين في ميدان لقائهم مع محاميهم أو ذويهم وذلك من خلال منع الكوادر الحقوقية من مقابلة موكليهم بذرائع شتى (عدم وجود اللاجئ السوري في مركز الترحيل، عدم تقديم أي بيانات أو معطيات تتعلق بملف اللاجئ الموقوف، تأخير اللقاء لعدة أيام بين الكوادر الحقوقية وموكليهم الأمر الذي يؤدي في أغلب الأوقات إلى نقل اللاجئ السوري لمركز ترحيل آخر في ولاية أخرى).

الموقوف داود حسن حدثنا عن تجربته: “كنت في سجن حلوان المركزي التابع لولاية شانلي أورفا لمدة 4 شهور، إدارة السجن لا تفرق بالمعاملة بين السجناء ولكن عناصر الشرطة يميزون بوضوح بين السوريين والأتراك، وخاصة العناصر من يسمون بـ (الكردياني).

وذكر البيان أن مركز الترحيل يعاني من نقص حاد في عدد الكوادر الوظيفية العاملة فيه، كذلك، المعاناة في وجهها الآخر تبرز في عدم إطلاع/إلمام معظم هذه الكوادر الوظيفية بالقوانين والتشريعات المتعلقة بنظام الحماية المؤقتة والفقرات الإدارية المقترنة بها.

كذلك، تمثلت المعاناة في شقها الإضافي بعدم (رغبة) القائمين على مديرية الهجرة أو مركز الترحيل في الاجتماع مع أعضاء نقابة المحامين أو الهيئات الحقوقية في سبيل مناقشة الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تلك المراكز.

كما تم توثيق حصول عدد من اللاجئين السوريين على قرار من المحكمة ينص على إنهاء التوقيف الإداري في حقهم، لكن، وبالرغم من قرار المحكمة قامت مديرية الهجرة بفرض قرار توقيف اللاجئ مرةً ثانيةً في مركز الترحيل، هذا القرار هو غير قانوني ويعتمد بشكل كلّي وتام على كيفية ومزاجية مصدر القرار.

وخلال الفترة المنصرمة (الأشهر القليلة الماضية) تجلّت تغيّرات سياسة الحكومة التركية تجاه ملف الهجرة واللاجئين السوريين، حيث زادت عمليات الترحيل القسرية التي باتت تنتهجها مديرية الهجرة في حق اللاجئين السوريين، وتفاقمت بمنحى تصاعدي انتهاكات القانون في كل ٍ من قرارات وممارسات مديرية الهجرة ومركز الترحيل.

تم توثيق تعرّض عدد من اللاجئين السوريين لانتهاكات جمّة (العنف النفسي + الجسدي) من قبل عدد من موظفي مركز الترحيل، وذلك بغيّة إلزامهم (بالإكراه) على التوقيع على أوراق العودة الطوعية. 

كذلك، تتجلى الانتهاكات في جانب عدم بيان فحوى/مضمون الأوراق التي يقوم اللاجئ بالتوقيع عليها والادعاء بأنها أوراق استلام الأمانات (الأغراض الشخصية) في الوقت التي تكون فيه هذه الوثائق هي بيان الموافقة على العودة الطوعية، (من حق اللاجئ السوري أن يعرف مضمون الوثائق قبل أن يوقع عليها).

“أسامة الحلبي مقيم في تركيا منذ عشر سنوات يحدثنا عن تجربته: “في شهر أيلول 2023 حاولت السفر إلى أوروبا ولم أوفق وأجبرت على العودة إلى تركيا، تم القبض علي على الحدود التركية، واحتجزتني الجندرما التركية في غرفة مسبقة الصنع لمدة ثلاثة أيام، بطول 8م وعرض 3م تضم 37-45 محتجزاً، المكان ضيق جداً ولم نكن نستطيع النوم بشكل مريح. جميع الموجودين من اللاجئين، أفغان، مغاربة، عراقيين وسوريين.

كانوا يقدمون لنا علبة ماء واحد يومياً مع قطعة من البسكويت، والخروج للحمام مرة واحدة فقط في اليوم.

كانت المعاملة سيئة جداً، بعضهم وجه لنا ألفاظاً نابية، وبعضهم كانوا يعاملوننا بشكل راق وإنساني.

بعد ثلاثة أيام تم نقلي إلى كلكلي في الكامب التابع لإدارة الهجرة بقينا هناك أربعة أيام، الطعام كان قليلاً، ومن الناحية الصحية كانت الظروف سيئة، كنا في الملعب حوالي 500 موقوف من مختلف الجنسيات، كنا ننام على الأرض دون فراش وغطاء، إضافة إلى بيعنا مانحتاجه من خارج السجن بأضعاف سعرها.

الهواتف ممنوعة، والاتصال كان مأجوراً، لكن شراء بطاقة الاتصال ممنوع، باستثناء من دفع مبالغ كبيرة للسمسار لقاء الحصول على بطاقة.

تم تحويلنا إلى كامب أوزلي بغازي عينتاب، وبقينا هناك لمدة يومين، كان الوضع أفض نسبياً، استطعنا الاتصال بعائلاتنا وشراء ما نحتاجه من محل البقالة، والطعام كانت جيداً مقارنة مع الكامب السابق.

مديرية الهجرة وإدارة مركز الترحيل قامتا بتطبيق قرار ترحيل عدد من اللاجئين السوريين لمناطق الشمال السوري، وذلك بالرغم من عدم تواجد أي قرار ترحيل في حق هؤلاء اللاجئين، وبالرغم من تقديم الكوادر الحقوقية طلبات (إيقاف) قرار الترحيل الصادر بحق البعض من موكليهم.

كذلك، تم توثيق قيام بعض الموظفين بالتوقيع على بيانات العودة الطوعية نيابةً عن اللاجئين السوريين (إن رفض اللاجئ السوري التوقيع عليها)، وهو ما يعتبر تجاوزاً صارخاً للقانون وللتشريعات الموضوعة في هذا المسار. 

إنّ سياسة (الإعادة القسرية) لمناطق الشمال السوري التي باتت تنتهجها رئاسة الهجرة في حق اللاجئين السوريين هي سياسة غير قانونية ولا يمكن قبولها ولا سيما في ظل استمرار العمليات العسكرية وسقوط القتلى من المدنيين في تلك المناطق.

من جانبٍ آخر، من المؤسف أن تعتمد رئاسة الهجرة هذه السياسة تحت مسمى “العودة الطوعية”. 

كذلك، لا بد من التذكير أنّ تركيا هي طرف موقع على المادة 33 من اتفاقية جنيف 1951 (عدم الإعادة القسرية)، الأمر الذي يلزمها باحترام حقوق اللاجئين السوريين وعدم إجبارهم (مكرهين) على العودة إلى بلادهم في ظل الظروف الراهنة غير الإنسانية. 

أضاف الناشط طه الغازي أن بيان أعضاء نقابة المحامين جاء بعد بيانات وتقارير سابقة وثّقت ما تضمنه البيان من انتهاكات وقرارات وسلوكيات غير قانونية باتت تطبقها مديريات الهجرة على اللاجئين السوريين. 

ففي شهر آب من العام الماضي أصدرت مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة التركية TİHEK (مؤسسة حكومية) تقريرها الخاص بواقع اللاجئين السوريين في مركز الترحيل Oğuzeli (عينتاب)، حينها تضمن التقرير وأكد على تعرّض عدد من اللاجئين السوريين لانتهاكات واعتداءات نفسية وجسدية من قبل بعض موظفي المركز وذلك بهدف إجبارهم على التوقيع على أوراق العودة الطوعية. 

كذلك، وفي شهر كانون الثاني من العام الراهن، أصدرت لجنة حقوق اللاجئين في نقابة المحامين الأتراك في Gaziantep بياناً وثقوا فيه تعرّض اللاجئين السوريين في مركز الترحيل Apaydın لسلوكيات وتصرفات غير إنسانية وغير قانونية من قبل بعض موظفي المركز. 

كذلك، وفي شهر آب الماضي، أصدرت مجموعة من الكوادر الحقوقية في نقابة المحامين الأتراك في إزمير بياناً أشارت فيه للانتهاكات في ميدان حقوق اللاجئين في مركز الترحيل Harmandalı. 

من جانب ٍ آخر، جاء بيان يوم أمس كرد على تصريحات وزير الداخلية Ali YerliKaya والذي نفى فيها إجبار أي لاجئ سوري (بالإكراه) على التوقيع على أوراق العودة الطوعية وبأنّ كل اللاجئين السوريين الذي عادوا لمناطق الشمال السوري كانت عودتهم “طوعية” و”كريمة”. 

أخيراً، جاء هذا البيان في ظل غياب شبه تام لمواقف (معظم) مؤسسات المعارضة السورية والمنظمات والهيئات واللجان المرفقة بها من سياسة الحكومة التركية في فرض “الإعادة القسرية” أو من الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في مراكز الترحيل. 

معظم هذه المؤسسات والمنظمات والهيئات واللجان اقتصرت مواقفها وأدوارها الوظيفية على التشديد على الالتزام بقرارات وفرمانات رئاسة الهجرة (مغادرة إسطنبول لكل عائلة سورية لا تمتلك بطاقة الحماية المؤقتة أو ليس بحوزتها إذن سفر).

وفقا لما أكده الغازي: “لا توجد مناطق آمنة في سوريا وهو ما أكدت عليها لجنة التحقيق الدولية المستقلة في تقريرها الأخير، مشيرة إلى أن هذه الحالة تنسحب على كامل الجغرافيا السورية” وبالتالي فإن الترحيل يشكل خطراً على حياة المرحلين وأما من رفض التوقيع على أوراق العودة الطوعية فإن حاله في مراكز الترحيل أو السجون ليس بأفضل من ذلك.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI