29 إبريل 2024 م


14 ديسمبر 2023 م 552 زيارة

WORLD NEWSعربية: 
أعد الحوار: رشاد النواري


بادرة إنسانية براقة، وفريق عمل دؤوب يحمل على عاتقه هموم المواطنين وأحزانهم، ويسعى للحفاظ على حياتهم، من خلال نزع آلة الموت التي زرعت لهم في أجواف الأرض؛ لتحصد أرواحهم واحداً تلو الآخر.. 

  على أعقاب الحرب التي أنهكت اليمن، وحرمت شعبه من أدنى مقومات الحياة، في عهد مليشيات لا تعرف سوى لغة الموت، وأصوات آلات القتل الفتاكة، انطلق مشروع "مسام" لنزع الألغام؛ ليكون الأمل الأكبر لليمنيين في المناطق المحررة، في السير على طرقهم وشوارعهم آمنين، دون الخوف من موت أعده لهم صناع الحرب.

أسامه القصيبي مدير عام مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، يطلعنا خلال حوار أجريناه معه،  على  المشروع الذي انطلق من دافع إنساني بحت، منذ تأسيسه في يونيو 2018،  برعاية مركز الملك سلمان للإغاثة، مروراً بأعماله التي تُرجمت على واقع حياة اليمنيين، وانتهاء بتمديده ليكمل عامه السادس، وخططه المدروسة للعام الجديد.


1- بداية أطلعنا بنبذة مختصرة عن مشروع مسام.. متى بدأ مهامه  وما هي أهدافه؟

- مشروع مسام لنزع الألغام، هو مشروع إنساني يعمل على تحقيق رسالة سامية تتمثل في العمل على تخليص اليمن من الألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة، والتي أودت بحياة الكثير من الأبرياء من الأطفال، والنساء، والشيوخ، والمدنيين العزل، إضافة إلى ما يقدمه من أعمال تستهدف بناء القدرات اليمنية في مجال نزع الألغام.

وللتصدي للتهديدات المباشرة لحياة الأبرياء جراء التعرض للأخطار الناجمة عن انتشار الألغام، انطلق المشروع في منتصف يونيو من العام 2018 تحت مظلة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لنزع الألغام في اليمن بإدارة وكفاءات سعودية وخبراء عالمية وكوادر يمنية دربت على إزالة الألغام بمختلف أشكالها وصورها التي زرعتها الميليشيات الحوثية في الأراضي اليمنية.

وجاء مشروعنا لمساعدة الشعب اليمني للتغلب على المآسي الناجمة عن انتشار الألغام والعبوات الناسفة في العديد من المحافظات اليمنية، فالمملكة العربية السعودية دائما سباقة في المشروعات الإنسانية وحريصة كل الحرص على إعلاء صوت الإنسانية في مناطق عدة في العالم، ومن جهودها النبيلة في اليمن قامت بتسخير مشروع مسام لنزع الألغام من هذا البلد الشقيق المنكوب بعلب الموت المتفجرة، وتمكينه من العيش بسلام ويضمن له الأمن والأمان.

واستكمالاً لجهود المشروع الإنسانية في اليمن، وحرصا على استمرار هذه المهمة النبيلة تم تمديد عقد عمله؛ لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام التي زرعتها المليشيات الحوثية لمدة سنة ليبلغ بذلك سنته السادسة في إطار عمله الإنساني على التوالي داخل الأراضي اليمنية دون انقطاع لأي ظرف كان، ولم يتوقف يوماً عن المساهمة في حفظ أرواح الأبرياء وممارسة عمله الإنساني، فهو يعد من ضمن أهم الأعمال الإنسانية التي تقدمها المملكة العربية السعودية للشعب اليمني.

وكل ذلك يهدف إلى تطهير المناطق في الداخل اليمني من الألغام، والاستجابة السريعة للحالات الطارئة في المناطق المحررة من خلال وضع وتجهيز الخطط التي تساعد الفرق المدربة في عمليات التطهير للأراضي، وللسيطرة على الكارثة الإنسانية، وحرصاً على عدم تحولها إلى فاجعة غير مسبوقة في العالم.

ولا يقتصر عمل مشروع مسام على نزع الألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة بشتى أنواعها فقط، بل يعمل على إتلافها لضمان عدم استخدامها مجدداً، ويسعى بشكل متواصل على تحديث قدراته وتطوير أساليبه في مجال نزع الألغام، رغم إصرار المليشيات الحوثية على تطوير أساليبها لاستهداف أكبر قدرٍ ممكن من المدنيين.

2- كم يمتلك مشروعكم من فرق تعمل في الميدان، وكم تبلغ مدة تدريب وتأهيل  كل فرقة؟

- باشر مشروعنا مهام عمله الإنساني في اليمن بتدريب وتأهيل 32 فريقاً هندسياً، عبر خبراء دوليين وسعوديين، وفرق يمنية، وغرفة عمليات مشتركة مع البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام (يمك)، ويتكون المشروع من العديد من الفرق المتمرسة لنزع وتدمير الألغام والعبوات الناسفة، تضم ما يزيد عن 550 خبير ونازع للألغام وموظف، يعملون بكل دقة وإخلاص لتحقيق هدف المشروع السامي المتمثل في تطهير أرض اليمن من الألغام

 

المنتشرة بشكل كبير وواسع في مختلف المحافظات اليمنية. ويتم تدريب وتأهيل فرق المشروع للتعامل مع الألغام بكافة أشكالها وأنواعها واختلاف طرق وأساليب تصنيعها، إضافة إلى تنفيذ دورات تنشيطية باستمرار في حيثيات التعامل الصحيح مع الألغام الأرضية بمختلف أنواعها، كما تم تزويد الفرق الهندسية بأحدث التقنيات والآليات في مجال كشف الألغام، مع العمل على التحديث المستمر للخطط الميدانية لعمليات الإزالة.

3- ماهي الاجهزة التي يتم استخدامها في نزع الألغام؟

  •  نستخدم أحدث التقنيات والمعدات في مجال كشف الألغام، بالإضافة إلى امتلاكنا أحدث الآليات وأجهزة الكشف عن الألغام سواءً تلك المضادة للأفراد أو تلك المضادة للمركبات.

ويظل النازع الجيد والمتمرس هو العنصر الأساس والأهم في إزالة الألغام في المقام الأول، لذا نحرص على تدريب الفرق بشكل متواصل لمواكبة الجديد في مجال نزع الألغام. ولقد جرت الكثير من البحوث والدراسات في سبيل إيجاد أفضل وسيلة، وتقنيات بديلة للتعامل مع الألغام، وكانت النتيجة بأن أفضل وسيلة هي نازع على درجة عالية من الاحترافية وجهاز جيد للكشف عن الألغام، فالتقنية قد تساعد على كشف وجود اللغم أو العبوة الناسفة أو أي مادة، ولكن عند التعامل معها سواء كانت ألغام أو عبوات ناسفة فإنه لابد من تدخل شخصي من قبل النازع.

4- ما هي أنواع الألغام التي تم نزعها خلال فترة عمل ومهام مشروع مسام، وكم نسبة الألغام التي تم صناعتها محليا من قبل مليشيات الحوثي في اليمن وتمت زراعتها وتم نزعها من قبلكم حتى الآن؟

- تمكن المشروع منذ بدأ عمله في اليمن منتصف يونيو من عام 2018 وحتى اليوم من التصدي لخطر الألغام بالقيام بعمليات تطهير الأراضي اليمنية من منهم، فقد تمكنت فرقنا الهندسية من نزع 406,390 لغم وعبوة ناسفة منها  139,938لغماً مضاداً للدبابات و6,258 لغماً مضاداً للأفراد و7,836 عبوة ناسفة بالإضافة إلى252,358 ذخائر غير متفجرة.

وتتعامل الفرق الهندسية مع جميع الألغام الأرضية المتعارف عليها، والألغام المحلية التي تعمل الميليشيات الحوثية على صناعتها في المعامل الخاصة بها، والتي تمت زراعتها بأشكال وصور مختلفة وكانت ألغام محلية الصنع ومعدلة والتي يتم تطويرها باستمرار بأحجام وأشكال وأهداف مختلفة وتمثل 85٪ من إجمالي الألغام المنزوعة.

كما نتعامل مع العبوات الناسفة التي تم تطويرها وتمويهها من قبل الميلشيات الحوثية على شكل صخور وخرسانات حديدية وغيرها من الأشكال المألوفة والخادعة وبأعداد كبيرة، فمثلاً الألغام التي زرعت في العام الماضي اختلفت اليوم وأصبحت أحدث وأكثر تطوراً وتعقيداً عن مثيلاتها في الأعوام الماضية.

 وقد وجدنا ألغام نراها للمرة الأولى بحجم أكبر من أي ألغام وجدناها في اليمن من قبل، وكذلك فيما يتعلق بالعبوات الناسفة، وجميعها كانت مصنعة بطريقة احترافية وتكنلوجيا عالية في الصنع.

5- كيف تتم عملية تطهير الأراضي والمناطق من الألغام؟

- يعمل مشروع مسام على إزالة الألغام الأرضية بكافة أنواعها وأشكالها في عمليات تشمل عدة مراحلة تجري وفق آليات محددة وضوابط فنية صارمة، وتتضافر جهود كافة الفرق الميدانية والهندسية التي تقوم بتحديد المواقع الملغومة بعد اكتشافها أو الإبلاغ عنها، حيث تتم الاستجابة السريعة للحالات الطارئة وفرق التدخل السريع.

وتقوم الفرق بعمليات المسح التقني والمسح غير التقني، وتحديد أماكن الألغام الأرضية في المناطق، وتطهير من الألغام والذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة بما يتماشى مع المعايير الدولية المتعلقة بنزع الألغام.

وجميع هذه الجهود المبذولة تتم بوتيرة عالية من العمل الدؤوب في سبيل درء خطر الألغام، ومساعدة الضحايا ممن تعرضوا لهذا السلاح القاتل ليعود المدنيين آمنين لممارسة حياتهم الطبيعية على أراضيهم.

6- كيف يتم التعامل مع المناطق التي يتم تطهيرها من الألغام، وماهي الطرق التي يتم استخدامها واتخاذها لكي يعرف الجميع بان هذه مناطق تم تطهيرها من الألغام؟

- بعد عمليات التطهير وإزالة الألغام الأرضية نقوم بعمليات المسح للأراضي التي تم تطهيرها على التأكد بشكل تام من خلو المنطقة بالكامل من الألغام وتكون آمنة وخالية من الألغام الأرضية، عندها يتم الإعلان عن تطهيرها وتتم عوده المواطنين لقراهم ومساكنهم وعودة الطلاب لمقاعد الدراسة بعد أن تم تأمينها بالكامل وإعلان خلوها من الألغام الأرضية.

ومشروع مسام بفضل خبراته وطاقاته ومعداته وإرادته الراسخة وإيمانه العميق برسالته الإنسانية في اليمن، حقق في ظرف خمس سنوات من التضحيات والإنجازات على الأرض، ومستمرا للسنة السادسة على التوالي بتحقيق نتائج غير مسبوقة في مسيرة العمل الإنساني عالمياً، وأسهم في إعادة الحياة لطبيعتها في عدة مناطق

يمنية باتت اليوم تنعم بالعيش الآمن بعيداً عن تهديدات الألغام، كما أنقذ حياة الكثير من الأبرياء، وسمح للأحلام باستعادة نبضها وفتح المجال واسعا للأمل في غد أفضل في هذا البلد الذي عانى من جائحة ألغام غير مسبوقة كماً وكيفاً والتي سقط بسببها ضحايا وتحول العديد فيه من الأبرياء إلى ذوي احتياجات خاصة بعد أن بترت الألغام أطرافهم.

7- كيف يتم التعامل واستخدام التحذيرات في الأماكن والمناطق التي لازال بها ألغام ولم يتم تطهيرها حتى الآن؟

- يبذل المشروع قصارى جهده لإنجاح مهمته الإنسانية على الأرض وللحيلولة دون وقوع ضحايا بسبب علب الموت القاتلة من خلال الاستجابة السريعة لبلاغات المدنيين ووقوع ضحايا لهذه الألغام الأرضية، ولكل من يطلب المساعدة في هذا المجال الإنساني الحيوي في اليمن.

كما يعمل المشروع على توعية المواطنين من خطر الألغام عبر المنشورات التوعوية من قبل الفرق الميدانية للتحذير من عدم الاقتراب من الأجسام المشبوهة أو العبث ومحاولة تفكيك الألغام مما قد تتسبب بعواقب خطيرة على من يحاول ذلك.

كما يقوم المركز الإعلامي لمشروع مسام في اليمن بدوره التوعوي والإرشادي في نشر الوعي بين المواطنين في مختلف المناسبات والمعارض التي يشارك فيها المشروع وعرض الصور التوعوية والإرشادية لتوخي الحذر ورفع مستوى الوعي.

8- ما هي نوعية الألغام التي يستخدمها الحوثي، وماهي دول الصناعة وكيف يتم معرفة ذلك؟

- تتعامل فرقنا مع جميع أنواع وأشكال الألغام الأرضية المتعارف عليها، والألغام المحلية التي تعمل الميليشيات الحوثية على صناعتها في المعامل الخاصة بها، بأحجام وأشكال وأهداف مختلفة وتمثل 85٪ من إجمالي الألغام المنزوعة، كما تتعامل الفرق الهندسية مع العبوات الناسفة التي تم تطويرها وتمويهها من قبل الميلشيات الحوثية.

وتمكنت  من التعامل مع مختلف اشكال الألغام وازالتها بفضل خبراتها وكوادرها واستخدام أحدث المعدات والتقنية والأجهزة الحديثة في التعامل مع الألغام وازالتها وتدريب الفرق الميدانية.

 9- ماهي الصعوبات والعوائق التي تواجه مشروعكم في مهام نزع الألغام في اليمن، وهل هناك مخاطر تعرض لها كوادر مسام  اثناء عملهم في الميدان؟

- نواجه نحن في مشروع مسام بعض العقبات كغيرنا من الجهات المختصة في نفس المجال، فاتساع رقعة المناطق التي تتم فيها زراعة الألغام والذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة وبأعداد تصل إلى مئات الآلاف، كما أن عدم وجود خرائط زراعة الألغام شكل تحدي كبير في عمليات نزع الألغام، كذلك عامل التضاريس الجغرافية الصعبة والظروف المناخية تجعل من عمليات الإزالة أكثر صعوبة حيث تتسبب الأمطار بجرف الألغام لمناطق غير ملوثة وتصبح مناطق خطرة.

ومنذ بداية العمل في المشروع في 2018، تشهد الأراضي اليمنية تطورات وعقبات جديدة وحيل في طريقة وأشكال الألغام، إلا أن مشروع «مسام» لا يدخر جهداً في مواكبة هذه التغيرات والتغلب على كل العقبات وهو ما يعتبر تحدي هائل، وتواصل فرقنا إنجازاتها، التي تضعها كل أسبوع أمام الرأي العام العالمي، بين عمليات نزع ألغام وعبوات ناسفة وذخيرة غير منفجرة، إضافة إلى تفجير وإتلاف كل ما

يتم نزعه. وبالتأكيد فإنه في سبيل تحقيق هذه الإنجازات العظيمة هناك تضحيات قدمها مشروع مسام خلال مهمته الإنسانية في اليمن تتمثل في فقده 33 شهيدًا من طاقم المشروع بينهم خمسة خبراء أجانب، قدم هؤلاء الأبطال أرواحهم في سبيل إنقاذ أرواح أبناء الشعب اليمني.

10- كم يمتلك مشروع مسام من خبراء في مجال الالغام والتدريب والتأهيل والمتواجدين في ميدان العمل؟

-  يتكون من 32 فريق تضم كوادر سعودية وخبراء دوليين ونازعين يمنيين متمرسين ومدربين، وفرق الاستجابة السريعة للحالات الطارئة، وفرق التدخل السريع، وكل هذه الفرق المتمرسة تعمل لنزع وتدمير الألغام والعبوات الناسفة من الأراضي اليمنية، كما يضم المشروع ما يزيد عن 550 خبير ونازع للألغام وموظف، يعملون بكل تفانٍ لتحقيق هدف المشروع.


 

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI