15 مايو 2024 م


10 يناير 2020 م 1094 زيارة

وورد نيوز عربيه -متابعات:كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما واحدا من أوائل الزعماء في الغرب الذين نبهوا، ولو ضمنيا، إلى طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حين أشار في الخامس من أبريل عام 2016، إلى ذلك قائلا “نحن نقوم بالاستثمار الضروري لقدراتنا العسكرية، لردع العدوان والدفاع عن أمننا وأمن حلفائنا. وهذا يشمل توسيع خططنا في أوروبا، لدعم حلفائنا في حلف شمال الأطلسي في ضوء الإجراءات العدوانية التي تقوم بها روسيا”. وكان أوباما يشير إلى الاستثمارات الروسية الكبيرة في القوات المسلحة، خاصة إنشاء قوات برية جديدة. وصواريخ بعيدة المدى تميزت بدقة التوجيه وإصابة الهدف. ومنحت سوريا بوتين فرصة لإظهار القوة، خاصة الجوية والصاروخية، فلم يتردد في استخدامها. بعد يومين من ملاحظة الرئيس أوباما، كتبت صحيفة الفاينانشال تايمز، مقالا تحليليا حول طموحات بوتين لإعادة تشكيل النظام العالمي، مشيرة إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن التفوق الروسي العسكري لم يحدّ منه الأداء الاقتصادي، الذي وصفته بالضعيف جدا عندما جاء بوتين إلى السلطة عام 2000، كانت روسيا في وضع مأساوي، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فلم يسعَ إلى مناطحة خصوم موسكو التقليديين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بل ركز اهتمامه على إحياء الصناعات العسكرية وتطويرها. اتسمت سياسة بوتين في تلك المرحلة بالمهادنة، وأفضل دليل على هذا التوجه هو فتحه الأراضي الروسية أمام القوات الأميركية للدخول إلى أفغانستان، إثر أحداث الـ11 من سبتمبر 2001، حيث اكتفى باعتراض شفهي خجول على غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، ولم يستخدم حق النقض الفيتو في مجلس الأمن. فضل بوتين الانكباب على تحديث ترسانة روسيا من الأسلحة التقليدية التي ورثها عن الحقبة السوفياتية، والاهتمام بالمصالح الإستراتيجية، فقام بتشكيل قيادة عمليات في البحر المتوسط، وإنشاء قواعد عسكرية في منطقة القطب الشمالي. وترابط اليوم سفن تابعة للأسطول الروسي في منطقة البحر المتوسط، وتنتشر قوات الدفاع الفضائي الروسي في أرخبيل “نوفايا زيمليا”، وعلى طول ممر الشمال البحري. إلى جانب ذلك اهتم بوتين بتعزيز الدفاعات الصاروخية، خاصة القادرة على حمل رؤوس نووية. وبعد أن انشغلت روسيا بمتاعبها الاقتصادية عن جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، عاد بوتين بقوة للاهتمام بتلك الدول وعمل على تقوية منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وتشكيل اتحاد جمركي ضم تلك الدول بمسمى الاتحاد الأوراسي. لم يقطع بوتين كما فعل أسلافه مع حقبة الاتحاد السوفياتي، تلك الحقبة التي استطاعت، رغم الحرب الباردة، أن تسوّق الفقر تحت مسمّى الاشتراكية، وتطور قدرات عسكرية أثارت الإعجاب، وذلك رغم الاقتصاد الضعيف الذي راهن على انهياره الجميع. اليوم تجاوزت طموحات بوتين إقليمه الضيق، ولم تعد مقتصرة على دول الجوار، فهو صاحب رؤية إستراتيجية قادرة على أن تصل به إلى حدود بعيدة، بغض النظر عن مستوى روسيا الاقتصادي. تبنى بوتين سياسة اقتصادية تعتمد الخصخصة الجزئية لبعض القطاعات، متبعا قواعد السوق، ساعده في ذلك الطفرة الاقتصادية التي شهدها العقد الأول من القرن الحالي. وهذا ما شجعه على زيادة الإنفاق العسكري، وبدأ فترة رئاسته عام 2012 بمجموعة مراسيم اقتصادية، سميت “مراسيم مايو”، تبنت رفع الإنتاجية وزيادة الأجور، وركّز على قطاعات اقتصادية محددة، ووضع هدفاً لتطبيقها عام 2018، نهاية فترته الانتخابية. ولكن بعد عام واحد، بدأت النتائج السيئة بالظهور، فأعيد طرح خطط اقتصادية. لكن، هذه المرة، من الوزارات المختصة، وليس بطريقة مراسيم بوتين الرئاسية. لم ينقطع الغرب خلال ذلك عن مراقبة بوتين بقلق نسبي، مفضلا تجنب أيّ مواجهات عسكرية مع روسيا، والاكتفاء بسياسة استنزافه من خلال فرض عقوبات اقتصادية. وتعتقد الولايات المتحدة أن تلك السياسة كفيلة، إلى جانب أزمة أوكرانيا والتورط في سوريا، بالإطاحة ببوتين وإجباره على التخلي عن طموحاته التوسعية فضل بوتين الانكباب على تحديث ترسانة روسيا من الأسلحة التقليدية التي ورثها عن الحقبة السوفياتية، والاهتمام بالمصالح الإستراتيجية، فقام بتشكيل قيادة عمليات في البحر المتوسط، وإنشاء قواعد عسكرية في منطقة القطب الشمالي قد تضطر الولايات المتحدة إلى الانتظار طويلا، قبل أن ترى نهاية حلم بوتين، بل قد لا تراه على الإطلاق، خاصة في ظل التطورات الأخيرة. تجنب بوتين الخطأ القاتل الذي وقع فيه ميخائيل غورباتشوف. لم يكن خطأ غورباتشوف تبني سياسة إعادة البناء (البريسترويكا)، ولم يكن خطأه أيضا إنهاء الحرب الباردة وتفكيك الاتحاد السوفياتي في الـ26 من ديسمبر 1991. الخطأ بدأ عام 1984. في ذلك العام زار غورباتشوف لندن، بصفته عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، واستقبلته مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا حينها، التي تنبأت له بمستقبل واعد، وقالت عنه أمام الصحافيين، إنه رجل “يمكن التعامل معه”. وكان لهذه العبارة وقع كبير. بعد هذا الإطراء البريطاني، دخل غورباتشوف الكرملين، عام 1985، وأصبح اسمه حديث العالم السياسي والمجتمع المخملي، وتناقلت صالونات الأزياء أخبار زوجته “رايسا” وتحدثت عن جمال ملابسها وجاذبيتها. الخطأ الذي تجنبه بوتين، ووقع غورباتشوف فيه، هو الوقوع بسحر الغرب، والإشاحة بوجهه عن باقي العالم. بوتين على العكس تماما، تعامل مع الغرب معاملة الند، ولم يخجل من إرث الحقبة السوفياتية.

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI