17 مايو 2024 م


11 إبريل 2020 م 904 زيارة

عربية WORLD NEWS متابعات :في هذا الوقت الصعب حيث يجتاح فيروس كورونا “كوفيد-19” العالم من أقصاه إلى أقصاه، تمايزت السويد عن غيرها من الدول القريبة والبعيدة من حيث الإجراءات المتّخذة لمواجهة هذه الجائحة التي تكاد تطيح ببعض الدول، مثل إيطاليا وإسبانيا.

ولا تزال السويد تتعرض لمزيد من الانتقادات الداخلية والخارجية بسبب ما يُنظر إليه على أنه تهاون من جانب الحكومة في اتخاذ إجراءات رادعة وحازمة تفرض حجراً كلياً أو جزئياً على السكان. وموقف السويد هذا يستدعي إلى الذهن موقفها الذي انفردت به عن غيرها من الدول الأوروبية باتخاذها موقف الحياد خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أثبتت النتائج التي تمخضت عنها تلك الحرب المشؤومة والكوارث التي نجمت عنها أن الصواب كان حليف السويد التي خرجت سالمة من تلك الكارثة التي دمّرت دولاً وأودت بحياة الملايين من الناس.
جدير بالذكر هنا أن امتناع الحكومة عن اتخاذ تدابير قسرية تمنع الناس من الخروج من بيوتهم أو التحرك بحريّة له أسباب قانونية. ذلك أن نظام الحكم في السويد تضبطه القوانين الأساسية الأربعة التي تمنع الحكومة تقريباً من اتخاذ إجراءات جذرية من هذا القبيل. وقد طلبت الحكومة على كل حال من البرلمان منحها صلاحية اتخاذ قرارات سريعة من دون العودة إلى البرلمان، وربما وافق البرلمان على ذلك بشروط معينة.


لكن ماذا يقول الكتّاب والمعلقون السويديون على مواقع التواصل الاجتماعي حول هذا الأمر؟
تنوّعت آراء الكتاب والمعلّقين واختلفت مواقفهم حول الوضع الراهن في السويد، بين ناقد لموقف الحكومة وآخر متفهم لإجراءاتها وثالث اكتفى بالمساندة المعنوية لعامة الناس وللعاملين في قطاع الرعاية الصحية على وجه الخصوص. في ما يلي بعض الآراء حول الموضوع:
لسنا إيطاليا أو الصين أو حتى النرويج أو الدنمارك
يوناس غارديل روائي وكاتب مسرحي وفنان صدر له أكثر من ثلاثين كتاباً في الرواية والشعر والمسرح ونال العديد من الجوائز المرموقة، وهو أحد أهم الكتاب السويديين الأحياء.


تحت عنوان “دعوا السويد تتصرف كالسويد في كفاحها ضدّ كورونا” كتب مقالاً في صحيفة “إكسبرسن” دافع فيه عن الأسلوب السويدي الخاص في معالجة أزمة كورونا. وقال إن السويد لم تفعل كما فعلت إيطاليا أو الصين أو حتى النرويج أو الدنمارك، لأنها ليست أيا منها. وعزز رأيه هذا بالقول: “نحن نعيش في دولة بُنيت بالمعرفة التقنية والكفاءة العلمية العالية لذلك نثق كثيراً بالجانب العقلاني والمعرفي. ونستمع طوعاً إلى ما يقوله خبراؤنا ونتبع نصائحهم”. وانتقد غارديل بعض الكتاب الليبراليين، خصوصاً في صحيفة “داغينز نيهيتر” المطالبين بفرض إجراءات استبدادية تؤدي إلى إغلاق البلاد كلياً، مستخدمين في ذلك عبارات مثيرة للقلق. وذكّر بمواقف الصحيفة وكتّابها إبّان انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة، الإيدز، قائلاً إن أولويتهم لم تكن آنذاك حماية المجموعات والأفراد الأكثر عرضة للخطر، بل حماية أنفسهم من هؤلاء.


الأكاذيب الأربع الأكثر شيوعاً حول كورونا
أما باتريك أوكسانن، صحافي ومراسل تلفزيوني معروف في السويد، فكتب مقالاً في “إكسبرسن” فنّد فيه ما سمّاها الأكاذيب الأربع الأكثر شيوعاً حول كورونا، وقال إن تتبّع آثار الفيروس يُظهر انتشار عدوى المعلومات المضللة على المستوى العالمي. وقال إن من بين الجهات التي تنشر المعلومات المضللة ثمة دولتان هما روسيا والصين اللتان تفعلان ذلك لأهدف سياسية. فروسيا “تريد زعزعة ثقتنا بمؤسساتنا وتفرقتنا وإرباكنا وإضعافنا”.

وأضاف قائلاً إن هدف الكرملين على المدى القصير هو التخلّص من العقوبات التي فرضت على روسيا بسبب ضمّها غير المشروع لشبه جزيرة القرم، وعلى المدى الطويل تفكيك الاتحاد الأوروبي. أما الصين فتريد التعمية على فشلها في السيطرة على الوباء، وعلى المدى الطويل تريد أن تكون المهيمنة على النظام العالمي.


والأكاذيب الأربع التي أبرزها في مقاله فهي أولا: الفيروس من صنع الإنسان. أمريكا نشرته كجزء من حرب بيولوجية ضدّ الصين. ويندرج ضمن هذه الأكذوبة أيضاً الزعم أن الفيروس انتشر نتيجة حادث وقع في مختبرات شديدة السريّة في ووهان، إضافة إلى اتهام جورج سورس أو بيل غيتس بالوقوف خلف نشر الفيروس.

ثانيا: استخدام الفيروس لغاية معيّنة. في سياق هذه الأكذوبة، يقال إن الشركات المصنعة للأدوية تريد تحقيق أرباح هائلة من تصنيع لقاحات بكميات كبيرة، ويُزعم أن التلقيح الإجباري يهدف إلى التحكم بالبشر، وأن الغاية من نشر الفيروس هي إخفاء الأضرار الناجمة عن استخدام الجيل الخامس من شبكات الاتصال، إضافة إلى مزاعم أخرى. ثالثا: الاتحاد الأوروبي والسويد لم يفعلا شيئاً، أو لم يفعلا سوى القليل، مع التعتيم على جهود السلطات. ومن ذلك أن السويد قد استسلمت أمام الفيروس وأن انتشاره أوسع بكثير مما يُعلن عنه وأن السلطات تتكتّم على أعداد الإصابات والوفيات. إضافة إلى فشل الاتحاد الأوروبي بالمقارنة مع نجاح روسيا في وقف انتشار الفيروس نظراً لتدابيرها السياسية الصحيحة. البرلمان الإيطالي أزال علم الاتحاد الأوروبي لأنه تخلى عنها في حين ساعدتها كلّ من روسيا والصين وكوبا، كما أن بولندا أوقفت طائرة مساعدات روسية كانت متجهة إلى إيطاليا.

رابعا: مواد إعجازية تحمي أو تشفي من الفيروس. الفضّة الغَرَوانِيَّة وماء الفضة يشفيان أو يقيان من الإصابة بالفيروس. حُقن فيتامين سي المركَّز تعالج الإصابة بالفيروس. الغرغرة بالماء الساخن عدة مرات في اليوم تحمي وتعالج. شرب الكحول والحرارة العالية، مثل حمامات البخار الساخن، تقتل الفيروس. القربان المقدّس لا يمكن أن يكون ملوثاً… لأنه مقدّس.


لا تسمحوا للحكومة بإضعاف الديمقراطية
وفي صحيفة “أفتونبلاديت” كتب السياسي والوزير في حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين السابقة كارل ثام مقالاً في صفحة الحوار عارض فيه منح الحكومة صلاحيات استثنائية تخولها اتّخاذ قرارات سريعة من دون العودة إلى البرلمان والحصول على موافقته أولاً على كل إجراء تريد القيام به. وهذه الصلاحيات لم تحصل عليها أي حكومة سويدية منذ الحرب العالمية الثانية. وقال في مقاله إن من واجب النواب من جميع الأحزاب، والذين أنيطت بهم مهمة حماية الديمقراطية والنظام البرلماني والدستور، أن يرفضوا هذه المحاولة المخزية التي تهدف إلى منح الحكومة قوة استبدادية. معللاً موقفه بالقول إن ذلك أولاً أمر غير ضروري على الإطلاق، ونافياً أن تكون المعركة ضدّ فيروس كورونا أصبحت أشدّ صعوبة بسبب رقابة البرلمان. وهو ثانياً تعبير عن ازدراء بالبرلمان، وقال: “أنا أعلم أن هذا الشعور موجود داخل المكاتب الحكومية، خاصة في وزارة المالية”. وأضاف أن المرء يميل دائماً إلى أن ينسى أن أعضاء البرلمان هم الذين انتخبهم الشعب، وليس الحكومة، ولا جيوش الخبراء والناطقين الإعلاميين وموظفي الخدمة المدنية.


ودفاعاً عن رأيه المعارض لتوسيع صلاحيات الحكومة، قال ثام إن إغراءات السلطة المطلقة لا تعد ولا تحصى، وما يبدو الآن كأمر صغير وغير ضار يمكن أن يتحول تدريجياً إلى ممارسة ووسيلة ضد الديمقراطية. وختم بالقول: “لا أعتقد أن رئيس الوزراء لوفين، لديه ميول ديكتاتورية، ولا يبدو أن هذا هو موقفه. ولكن هذه مسألة مبدئية وذات أهمية قصوى ولا يمكن البتّ فيها بالاستناد إلى منطق رئيس الوزراء الحالي”.


في الختام، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة السويدية حصلت يوم الثلاثاء 7 مارس/آذار 2020 على موافقة البرلمان على الاقتراح الذي تقدّمت به بشأن صلاحياتها الموسعة، وذلك اعتباراً من الثامن عشر من الشهر نفسه ولمدة ثلاثة أشهر من أجل تعزيز قدرتها على مواجهة جائحة كورونا. لكن تلك الموافقة بقيت مشروطة بمراقبة البرلمان الذي سيحتفظ بسلطة إبطال أي قرار تتخذه الحكومة، وذلك خلال يومين من اتخاذ القرار.


بعد وقت قصير أو طويل سوف يتغلّب العالم على هذا الوباء المرعب، وسوف تعيد الأمم والدول النظر إلى نفسها وإلى العالم من حولها، وسوف تتغير علاقات وأنظمة وقوانين، ومن بين تلك الدول السويد التي إما أنها ستفخر بتجربتها كما اعتادت أن تفعل، أو أنها ستندم على تفريطها وتهاونها في مواجهة كورونا.

 

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI