من بلاد اليمن التي تعاني ويلات الحرب منذ أكثر من 5 سنوات، حيث يقضي الدمار على كل شيء في شوارعها التي اكتست بلون الدم، اتخذ الطبيب عبد الحكيم النحلاني قرارًا بالرحيل تاركًا خلفه مقر عمله وذكريات طفولته وشبابه، جاء باحثًا عن الأمان والسكينة له ولأسرته الصغيرة في أم الدنيا مصر، استأنس بأهلها وذهبت وحشته ليبدأ حياة جديدة على أرضها بعد أن انتمى لصفوف الجيش الأبيض المصري كما كان يعمل في بلاده.

في صباح يوم الحادي عشر من يناير عام 2015 استقر الطبيب اليمني عبدالحكيم النخلاني، في القاهرة بصحبة زوجته وأبنائه، قادما من محافظة إب الوسطى، حاملا هم التفكير في ظروف المعيشة الجديدة رأسه منشغلا بأوجاع بلاده، حتى التحق بالعمل في مستشفى أبو الريش الياباني، وبحسب روايته لـ"الوطن" كانت الوظيفة الثابتة داعما له في بداية حياة جديد مبهمة ملامحها بالنسبة له ومنذ دخوله المستشفى لم يشعر بغربة، بحسب وصفه.

النخلاني يعمل في أبو الريش الياباني منذ مارس 2015

كواحد من أبطال الجيش الأبيض، رغم اختلاف الجنسية، أضحى الطبيب اليمني البالغ من العمر 39 عاما، في حالة استعداد كامل على مدار اليوم في مقر عمله خلال أزمة فيروس كورونا المستجد منذ ظهور الوباء في مصر شهر مارس الماضي، لم يتوانَ عن رعاية الأطفال الوافدين إلى أبو الريش الياباني، يرى فيهم أطفال بلده الذين فرقت الحرب بينهم وبين آبائهم، يسعى بكل ما أوتي من قوة لإسكات بكاء أحدهم يصرخ من التعب، وكأنه لم يحتمل أنين الصغار الذي لا يزال صداه في أذنيه منذ أن غادر اليمن الذي لم يعد سعيدا.

خلال عمله في قسم الحضانات، استقبل الطبيب اليمني المقيم بمصر حالة مولود اشتباه بفيروس كورونا المستجد في الأسبوع الأول من عمره، سرعان ما خضع للتحاليل والأشعة التي أثبتت عدم الإصابة بكوفيد 19، وبحسب روايته، "الحالات التي تعاني من أي أعراض حمى أو إسهال نستقبلها في طوارئ المستشفى وفي قسم الأطفال تخضع للفحص والحالات التي يتم التأكد من إصابتها بفيروس كورونا يتم تحويلها للمكان المخصص للعزل".

طوال أزمة كورونا يستقبل النخلاني الأطفال المريضة وفي حال التأكد من الإصابة يتم تحويلهم للعزل

وجوده بين صفوف الجيش الأبيض المصري كطبيب أطفال بمستشفى أبو الريش الياباني لم يكن كافيًا من وجهة نظر النخلاني لمساندة المصريين في مواجهة الوباء، بل جعل من صفحاته الشخصية على موقع فيس بوك وتويتر صفحات ذات محتوى طبي توعوي يرشد الجميع لطرق الوقاية من الفيروس وخطوات العزل المنزلي على مدار اليوم، إلى جانب تطوعه ضمن فريق طبي كبير للرد على الاستشارات الطبية لمرضى كورونا في العزل المنزلي مجانا دون أي مقابل،"واجبي على الناس أساعد بعلمي ومهنتي".

"طبيبي" تطبيق إلكتروني لتقديم الاستشارات الطبية، شارك فيه الطبيب اليمني إلى جانب العشرات من الأطباء من مختلف التخصصات للرد على أسئلة الجمهور المشترك في التطبيق، يضع الشخص التحاليل والأشعة الخاصة به ويتولى النخلاني والمتطوعون معه بالرد على الاستشارات ليس فقط لليمنيين المقيمين بمصر بل لكافة المصريين وأي شخص من أنحاء دول العالم،  على مدار الساعة حتى بلغت عدد الاستشارات خلال الشهر الماضي فقط 3 آلاف استشارة من دول مختلفة حول العالم

الجدير بالذكر ان الطبيب النخلاني له باع طويل في الخدمات الطوعية الانسانية الطبية حيث شارك في تأسيس في القطاع الطبي الاستشاري اليمني حيث يتكون من اربع لجان طبية متخصصة في كل من مصر والاردن والهند والمانيا والذي يضم في صفوفه خيرة الاطباء اليمنيين المتخصصين ومهمته تقديم خدمات طبية مجانية للمرضئ بشكل عام.