3 مايو 2024 م


14 ديسمبر 2019 م 1179 زيارة
وورد نيوز عربيه - متابعات: المنافسة على مركزية الإقليم بين إيران وتركيا ـ لها وجوه عدة .. فمنها منافسة سياسية ومنها اقتصادية وغيرها على شتى المستويات والمجالات .. ولا شك لا يغيب التنافس الثقافي .. من عناصر المنافسة الثقافية “المركزية” هو التوغل الإعلامي.. كان الإيرانييون قد أنتجوا مسلسل “النبي يوسف عليه السلام” ما بين عامي 2005 و 2008، وكان يحمل تجرؤاً كبيراً لم يُسبق من قبل .. فقد جسدوا صور الأنبياء في ممثلين، وكان من حظهم السيء أن النبي يوسف عليه السلام لم يكن إنساناً عادياً ـ فهو آية في الجمال، الأمر الذي يجعل من فكرة تمثيله فكرة مستحيلة .. فخاضوا التجربة وجاؤا بممثل أقصى ما تصوروا من جمال الدنيا، وكان تصرفاً لا يليق حتى فنياً، فجمال سيدنا يوسف بالمقارنة بجمال البشر الآخرين هو جمال مميز، وجمال متفرد، وصعب تجسيده أو الإقتراب منه حتى في مجال الصور المتحركة وفن الإنيميشن، فهو جمال خارج تصور البشر، كيف تجسد هيئة إنسان أوتي شطر الجمال؟؟؟!!.. هذا هو الذي لم تدركه الرقابة الإيرانية وخاطرت بالإقتراب منه.. ولم يقتصر الأمر على الأنبياء فقد جسدوا صورة الملائكة سيما رسول الوحي جبريل عليه السلام. فصورة سيدنا جبريل عليه السلام يصعب حصرها في صورة ممثل منتوف الحاجبين .. وكان ثمة إسفاف في تناول القصة برمتها.. والمصيبة الكبرى أن المسلسل كان يحمل بين تفاصيله شيء من التنظير الشيعي سيما عن الإمام المنتظر الذي سيكون من أبناء أحفاد النبي عليه الصلاة والسلام “أنظر الحلقة 44”.. كانت تجربة بلا شك فيها تجرؤ، لم تزد في المكنون والميراث الثقافي الكثير وربما تصادمت معه في بعض الأحيان. وبالمجمل هي تجربة صادمة الضار فيها أكثر من النافع. وفي المقابل في حوالي العام 2012 إقتحم الإعلام التركي الفضاء المركزي للإقليم بفيلم يتناول قصة القائد محمد الفاتح، ولاقى الفيلم استحساناً كبيراً وقبولاً واسعاً .. ثم فاجؤا الإقليم بمسلسل “قيامة أرطغرل” خاضوا به التجربة بكل أريحية لإبتعادهم عن شخصيات الأنبياء والتطرق إلى الشخصيات التاريخية .. ونجح المسلسل نجاحاً باهراً والبعض أقبل على تعلم اللغة التركية للإقتراب أكثر من التفاصيل الذي كان لها المسلسل جسراً إلى القلوب وإلى الوعي الجمعي للإقليم .. والبعض أعاد تشكيل تصوره وعلاقته بالأمة التركية وتاريخها.. تجربة اعادت للأذهان التاريخ المشترك لمكونات الإقليم بكل ألوانها ترك وعرب وكرد. وتعدت الفضاءات لتصل إلى أقاليم أخرى سيما دول المغرب وشمال إفريقيا، أسيا الوسطى وإلى الجاليات في دول أوروبا والغرب، وغيرها وإلى الأقليات والمكونات في كثير من الدول.. كانت تجربة موفقة ورائعة وسيكون لها عمر طويل يرجع إليها الأجيال في المستقبل، فهي لم تكن عملاً إبداعياً وحسب بل تدوين وتجسيد لوقائع التاريخ واحياء لمجد جاء توظيفه في فضاء نهضة تتغشى الأمة في المنطقة.. ثم أتبوعها بأعمال أخرى من نفس النمط، مسلسل السلطان عبد الحميد وغيره.. وأخيرً في هذا العام دخلت على الخط دولة مثل دولة الإمارات التي ترى في النهضة التركية تهديداً لوجودها ـدخلت في منافسة- أهدافها الرخيصة مكشوفة بمسلسل “ممالك النار” هو أشبه بمغالطة تاريخية عفى عليها الزمن، لم يشفع لها الأموال التي ضخت لإنجاحها، ولم تعد لها آلية للوصول إلى الوعي الجمعي، فالوعي والوجدان الجمعي أصبح مشبع بأعمال فنية أجادت الإقتراب منه ومناجاته..
الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI