4 مايو 2024 م


24 سبتمبر 2020 م 2198 زيارة

عربية WORLD NEWS: خاص

في السابع من اكتوبر تشرين الاول 2013م أعلنت وزارة النفط عن انشاء ميناء نفطي في اليمن بتكلفة إجمالية تصل إلى نحو مائة وستون مليون دولار. وقالت في بيان رسمي إن المشروع يهدف لإنشاء ميناء رأس عيسي النفطي والذي سيحتوي على أربعة خزانات للنفط الخام بواقع 550 ألف برميل للخزان الواحد وبقطر 85 مترا وبسعة اجمالية تزيد علي المليوني برميل، مع وضع احتياط لخزانين اضافيين بسعة تزيد قليلا عن المليون برميل. وفي الخبر الذي نقلته وكالة الانباء الرسمية سبأ فأن هذا المشروع الجبار سيتم تنفيذه بين شركة صافر لعمليات الاستكشاف وتحالف شركتي كيمي تك وآي يو تي الإماراتية الهندية. في هذا التحقيق سنتتبع قصة هذا الميناء النفطي الذي قررت اليمن انشائه بعد مرور أكثر من 27 عام على استخراج النفط في اليمن. كما سنبحث عن تلك التفاصيل المغيبة والتي حالت دون انشاء هذا الميناء، وكيف تمكنت حكومة ما بعد ثورة 11 فبراير من تحقيق هذا الحلم الذي راود اليمنيين، وكيف غدت صافر أزمة تؤرق العالم؟ استهلال يمثل القطاع النفطي في اليمن أهمية إستراتيجية بالنسبة للاقتصاد اليمني منذ اكتشافه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وحتى اليوم نتيجة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي والموازنة العامة وميزان المدفوعات. وتشير آخر الإحصائيات على أن إنتاج اليمن من النفط وصل إلى (56.36) مليون برميل تقريباً نهاية العام 2012م. تعود البداية الاولى للأعمال الاستكشافية عن النفط في اليمن إلى العام 1938 من خلال تلك المحاولات التي نفذتها شركة نفط العراق في المناطق الشرقية حضرموت والمهرة. تلتها محاولة شركة براكلا وديلمان الالمانية في التنقيب عن النفط في المناطق الغربية في تهامة والصليف بالحديدة اثناء حكم الإمام أحمد في العام 1952م. اكتشاف النفط في العام 1981 تم التوقيع مع شركة هنت أويل الأمريكية التي تتّخذ من دالاس، تكساس، مقرّاً لها على التنقيب على النفط في اليمن، وبعد ثلاث سنوات من التنقيب تم اكتشاف أول حقل نفطي في اليمن بمحافظة مأرب، حيث أعلنت شركة هنت عن الاكتشاف الأول في صيف 1984م. وفي العام 1986 كانت اليمن على موعد مع انتاج واستخراج هذه الثروة الهائلة. شكلت تلك الخطوة دافعا للتنقيب والبحث عن النفط في شبوة والتي تم الاعلان فيها عن اكتشاف وانتاج النفط في حقولا عدة، وتم مد انبوب نفطي لتصدير النفط من الحقول المكتشفة إلى ميناء بلحاف على البحر العربي. وفي العام 1993 تم مد أنبوب نفطي أخر من قطاع المسيلة إلى منطقة الضبة بمحافظة حضرموت على البحر العربي ايضا وتبدأ عملية أنتاج وتصدير النفط حينها. موانئ التصدير توجد في اليمن ثلاثة خطوط رئيسية لنقل النفط الخام من مناطق الإنتاج إلى المنافذ البحرية في كلا من البحر الاحمر والبحر العربي. وتمتد هذه الانابيب إلى موانئ التصدير الواقعة في ميناء رأس عيسى بالحديدة غربا، وميناء بلحاف ـ بئر علي ـ بمحافظة شبوة، وميناء الشحر ـ الضبة ـ بمحافظة حضرموت جنوبا. بالنسبة لميناء الشحر وشهرته بالضبة فأن خط الانبوب الممتد اليه من مناطق الإنتاج يصل إلى نحو 138 كيلو متر، ويوجد في هذا الميناء أكبر خزان تصل سعته التخزينية إلى مليون برميل، إضافة إلى خمس خزانات بسعة تقدر بواقع 5 ألف برميل لكل خزان. في حين يبلغ طول انبوب النفط بمحافظة شبوة إلى نحو 210 كيلو متر وتصل سعة الخزانات الخمسة بميناء بلحاف وشهرته بئر علي إلى 126 ألف برميل لكل خزن. أما بالنسبة لميناء رأس عيسى والواقع على البحر الاحمر كخزان عائم ويمتد اليه انبوب نفطي يصل طوله إلى 493 كيلو متر منها 9 كيلو مغمورة في البحر لترتبط بالباخرة التي تتسع سعتها التخزينية لنحو 3 مليون برميل ويتم منها تصدير النفط المستخرج من القطاع 18 بمأرب ونفط قطاع جنة بمحافظة شبوة وبعض الحقول المجاورة. ويعد هذا الميناء هو أول ميناء تم انشائه وضخ النفط اليه في اليمن وذلك في العام 1968م. وتقف هذه السفينة التي انشئت قبل 45 عاما في عرض البحر على بعد 60 كيلومتر شمال ميناء الحديدة. السفينة العملاقة سفينة صافر هي خزان نفطي عائم شبه ثابت في المياه اليمنية العميقة بالقرب من ميناء الحديدة، ومحطة تصدير للنفط. بدأ حياته كناقلة نفط عملاقة بعد الانتهاء من تصنيعها في اليابان عام 1976 من قبل شركة هيتاشي زوسين تحت اسم "إسو اليابان". اشتُريت لصالح اليمن عام 1986 وأرسلت إلى كوريا الجنوبية لتحويلها إلى خزان عائم بهدف تصدير النفط المستخرج من مأرب. هنت الأمريكية دشنت الشركة الأمريكية في اليمن استثماراتها في استخراج وإنتاج النفط في الثالث من سبتمبر ايلول 1981م، وعلى مدى 24 عاما وهي فترة الامتياز المتفق عليها مع الحكومة اليمنية، لم تقم الشركة ببناء بنية تحتية صلبة، إضافة إلى تبديدها للثروة القومية للبلد عبر إحراقها للغاز الطبيعي في الهواء الطلق. وكان البرلمان قد خاض معركة شرسة في سبيل عدم تجديد الاتفاقية أو التمديد للشركة، وفي ابريل نيسان 2005 وافق مجلس الوزراء على توصية البرلمان بشأن عدم تمديد أو تجديد الاتفاقية الخاصة بشركة هنت الامريكية في القطاع 18 بمأرب. وفي الخامس من نوفمبر تشرين الثاني 2005 فسخت الحكومة عقدها مع شركة هنت وتم احلال شركة صافر الوطنية بدلا عنها. تملص في الثاني من فبراير شباط 1992 وجهت وزارة النفط اليمنية خطابا إلى إدارة شركة هنت الأمريكية دعت فيه الشركة إلى انشاء ميناء نفطي بدلا عن الميناء العائم وانها إي الوزارة ستقوم بتقديم كل التسهيلات المطلوبة لتنفيذ هذا المشروع. غير انه وبحسب مصدر مسئول في وزارة النفط تمكنت شركة هنت من التملص من مسؤوليتها آنذاك وذكرت عدد من المبررات الامر الذي دفع الوزارة إلى ترحيل الفكرة. يقول المحلل الاقتصادي محمد الجماعي: "الشركة رأت في ذلك تبديد لأموالها في منشأة لن تكون بحاجة اليها فيما بعد". مرثون فبل اشهر قليلة من مغادرة شركة هنت للقطاع 18 بمأرب، تقدمت شركة فيكو وهي شركة كندية للحكومة اليمنية بدراسة اقتصادية أكدت في مجملها على أهمية انشاء ميناء نفطي في اليمن. كانت تلك الدراسة هي الارضية الصلبة التي اتكأ عليها صناع القرار بوزارة النفط على مدى عقد كامل. وظلت تلك التفاصيل هي ما يشغل بال كل من يتربع على عرش الوزارة، وخصوصا منذ العام 2007م والذي شهدت فيه اروقة الوزارة استلام العروض المقدمة من عدد من الشركات العالمية التي سعت للتنافس على المناقصة التي أعلنت الوزارة عنها في ذلك العام. وبعد دراسة العروض المقدمة حينها خلصت وزارة النفط إلى اختيار شركة تركية لتنفيذ المشروع بقيمة تقدر بـ 216 مليون دولار، غير أن الوزارة قررت في ابريل نيسان 2008 تعليق وتأجيل تنفيذ المشروع لشحة الامكانيات. مكونات الميناء يتكون المشروع من الجزء البري ويحتوي على أربعة خزانات للنفط الخام 550,000 برميل للخزان الواحد وبقطر 85 مترا وبسعة اجمالية تزيد علي المليوني برميل مع وضع احتياط لخزانين اضافيين بسعة تزيد قليلا عن المليون برميل. ويتضمن ثلاث مضخات شحن النفط الخام بقدرة دنيا 30 ألف برميل في الساعة الواحدة يتم تشغيلها بوقود مزدوج (نفط خام أو ديزل) وعلى ان يتم تشغيل مضختين والثالثة احتياط. وكذا عمل احتياطات لإضافة خزانات لاستيراد وقود الديزل مستقبلا بسعة مليون ومائة الف برميل. ويشمل المشروع تركيب وانشاء خط انبوب مناسب لتصدير النفط الخام للجهة الشمالية من رأس عيسى لتحميل النفط مستقبلا من الرصيف البحري في خليج كمران لتحميل ناقلات النفط الخام بسعة 120 ألف طن. كما يتضمن المشروع عدد من المرافق الخدمية والمساندة مثل: منظومة قياس معايرة كاملة لتصدير النفط الخام، ومحطة كهرباء بقدرة 5 ميجاوات ومحطة تحلية للمياه، ومنظومة كشف ومكافحة الحرائق. اما الجزء البحري فيشمل تركيب عوامة جديدة أحادية الارتكاز متكاملة لربط وشحن ناقلات النفط الخام العملاقة بحجم سويس ماكس ولتحل محل الخزان العائم صافر على البحر الاحمر. تحول قررت الحكومة في 2009 بحسب توصية المجلس الاقتصادي الاعلى ألزم شركة صافر بالأشراف على تنفيذ المشروع باعتبار أن مكونات المشروع جزء من منشآت الشركة. وجاء في القرار بسرعة دراسة الخيارات الفنية والمالية المتاحة حسب نظام المناقصات المعمول به لدى شركة صافر وذلك للتمكن بالخروج بالمشروع بكلفة توازي القدرة التمويلية المتاحة للشركة. ونتيجة للكساد العاملي في 2010م وما تلاها من ظروف سياسية مرت بها اليمن في 2011 تم تأجيل تنفيذ المشروع. في مارس اذار 2013 كانت هناك خطوات جادة من قبل شركة صافر لتنفيذ هذا المشروع الذي تأخر تنفيذه كثيرا. انطلاق عقب فتح العروض التي تقدمت بها عددا من الشركات العالمية، قررت شركة صافر اختيار شركتين استشاريتين لمكونات المشروع البرية والبحرية وكذلك مقاول التنفيذ تسليم مفتاح. تم اختيار شركة موت ماكدونالد الهندية البريطانية كمستشار للأعمال الإشرفية على المنشآت البريه؛ وكذلك شركة تريون الهندية للإشراف على الاعمال البحرية. و اختيار تجمع شركتي كيمي تك الهندية الإماراتية و أي أو تي الهندية الالمانية لتنفيذ المشروع بالكامل شاملا عمل التصاميم الهندسية الأساسية والتفصيلية والإنشائية وشراء المعدات والمواد والتركيب والبناء وكذلك التشغيل التجريبي بنمط تسليم مفتاح. وفي العام 2014 بدأت شركة كيمي تك بتنفيذ المشروع البديل الاستراتيجي لسفينة صافر العائمة المتهالكة، وتم انجاز 80% من المشروع. ومع اجتياح مليشيا الحوثي لصنعاء وتمدده في انحاء متفرقة من اليمن، قامت مليشيا الحوثي باقتحام الميناء وفرض سيطرتها عليه، وهو ما ادى إلى توقف الشركة الهندية عن مواصلة تنفيذ المشروع. مسار أخر مع خضوع رأس عيسى لمليشيا الحوثي قال وزير النفط المهندس أوس العود في مقابلة لصحيفة 14 اكتوبر بأن وزارته تعكف على إنشاء بديل آخر يكون بمثابة ميناء جديد لتصدير النفط الخام القادم من مارب وشبوة. و أوضح بأن ميناء رأس عيسى لم يعد مجديا بسبب وقوعه تحت سيطرة الانقلاب وكونه على مسافة بعيدة جدا من القطاعات النفطية خصوصا مارب وشبوة وأن الخيار الحالي الذي تقوم به وزارة النفط هو مد أنبوب نفطي ليصل إلى ميناء رضوم في البحر العربي يكون بديلا عن رأس عيسى بالحديدة بالبحر الأحمر. تجاهل تلك التصريحات وتجاهل الحكومة وشركة صافر للمحاولات التي بذلتها الشركات المنفذة للمشروع لتسديد مستحقاتها المالية إضافة للوصول إلى أي تسوية بين الطرفين وفقا للعقود المبرمة والاتفاقيات الموقعة دفعت شركة كيمي تك إلى للبحث عن خيارات بديلة والتي من شأنها الذهاب نحو تحكيم دولي حول قضية إنشاء مشروع خزانات رأس عيسى. في حين يرى عدد من المراقبين بأن اطراف في الحكومة تسعى نحو دفن هذا المشروع والعمل على نقله إلى سواحل البحر العربي لأسباب مناطقية بحتة، رغم التكاليف المضاعفة التي ستتكبدها الحكومة اليمنية نتيجة هذه الخطوة. خسائر مالية وفقا لمصدر في الشركة الهندية فأن المبلغ المتبقي على الحكومة اليمنية والواجب سداده يبلغ نحو عشرة مليون دولار. لكن المماطلة الحكومية في تحقيق تسوية مع شركة كيمي تك دفعت الشركة نحو المطالبة بتنفيذ بنود الاتفاقية الموقعة والتي يتحمل فيها الجانب الحكومي نتيجة لتوقف العمل وتعليقه مايصل إلى نحو 980 ألف دولار شهريا. ومع احتساب فترة التوقف فأن اجمالي الأموال التي يجب على اليمن دفعها للشركة الهندية نتيجة للإهمال الحكومي وعدم الاسراع في خلق تسوية مع الشركة الهندية تزيد عن 26 مليون دولار. قنبلة عائمة مع سيطرة الحوثيين على ناقلة النفط صافر، والتي لم تخضع لصيانة منذ أكثر من خمس سنوات بسبب تعنت جماعة الحوثي. تبدو صافر كأزمة تؤرق العالم بعد أن اتضحت اضرارها الكارثية على مياه البحر الأحمر ما يهدد بوقوع أكبر كارثة بيئية في المياه الإقليمية، فـ النفط الخام المخزن في السفينة يصل إلى مليون و140 ألف برميل. وقد عبرت أطراف عربية ودولية عن تلك المخاطر خلال جلسة مجلس الأمن المنعقدة في منتصف يوليو تموز الماضي بناء على طلب رسمي من الحكومة اليمينة لمناقشة القضية بحيث يتحمل مجلس الأمن المسؤولية الرئيسية عن تأمين سلامة وأمن المنطقة. وباتت هذه الناقلة بحسب الكثيرين تهدد بإلحاق ضرر بالغ بجنوب البحر الأحمر والعالم بأسره فهي تقع بالقرب من باب المندب الذي يعد ممراً حيوياً للملاحة البحرية الدولية بين آسيا وأوروبا.

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI