3 مايو 2024 م


24 ديسمبر 2019 م 2112 زيارة
بقلم امين تاكي تُتَوِج توجان نفسها بهالة من الزخم الصحفي ، إذ تخطو بخطوات أشبه بلاعبي المشي على الحبل المشدود. خطوات إحترافية متزنة مثل الأبطال الخارقين الّذين يسعَون لدخول موسوعة غينيس. لكنها لاتخشى السقوط إنها جبارة. تردِم العادات المتخلفة بثقافتها ، وهذا وارد في حديثها مع الصحافة وفي بثها المباشر على صفحتها في الفيسبوك. لاتشتكي من سوء معاملة مدرستها لها ، والعياذ بالثقة من الشكوى. لكنها تطالب بحقها من المدرسة ، وهو إعتذار المدرسة لها مع رد الإعتبار طُرِدت توجان من مدرستها منذ أسبوع ، بتهمة نشر "أفكار مسمومة" بين الطالبات حسب مزاعم إدارة المدرسة ، ولأنها تقوم بمشاركة منشورات والدها الذي ينتقد التزلُف والزيف الديني. تهمة ليس لها معنى توجان تهمتها أنها لاتتبع تكهنات الآخرين ، بل لديها توقعاتها وترتب أفكارها فيما يخص كل شيء. لاتريد أن تصبح تابعةً دونية بلا جدوى ، وليست مرغمة على إتباع الآخرين. مهما كانوا هكذا يولد الجيل الذهبي ، هكذا تُبنى الثقافات وتسقط الأقنعة المزيفة وتُكسَر قيود الذل والمهانة. هكذا تُنسَف الخرافات والتسلط الذكوري بمسميات العادات. هكذا تسطع إبنة السابعة عشر ربيعاً في ظل المجتمع الرمادي هكذا يحصد السياسي علي البخيتي بذرتة الفوقية التي زرعها. يحصد فتاة عظيمة يحسده عليها الآباء في كل الدنيا ، عدى أولئك الآباء المغفلين الّذين ينظرون إلى بناتهم تلك النظرة الدونية القاصرة ، ويتبعون الفكرة الإسلامية التي تقول بأن المرأة (ناقصة عقل) علي البخيتي الذي أدخل الحوثيون إلى صنعاء بمهارته ومراوغته السياسية ، لن يثنيه الزلزال عن إدخال إبنته التاريخ من أوسع أبوابه. وفي هذا المشهد تمنيتُ دون مبالغة لو كنتُ انا توجان ، ولو كان علي البخيتي والدي. ولستُ هُنا لتوزيع المجاملات فإذا بتوجان تتألق وتُبقي مَدرَستها رهينة الظل. فتأخذها الذنيبات للتحقيق في غرفة أشبه بالمحاكمات المستعجلة ، تحاول الذنيبات جر توجان إلى المستنقع ، بينما ترسو الفتاة على سطح البحر كالسُفُن العملاقة تسألها عن أختها الرضيعة كيف جاءت إلى الدنيا في حين أن والدها بعيداً عن أمها ، تصرخ في وجهها (حراام) بينما الحرام في ماتحتويه كتبهم التحريضية والجهادية. تُجبرها التوقيع على محظَر التحقيق دون معرفة مايحتويه حتى تريدها أن تقع بأي وسيلة في الفخ ، لكن توجان لاتقع ها أنا اتصبب عرقاً الآن في مستشفى ألماني بمدينة ميونخ ، وهذا لأنني أريد التألُق ، والمطالبة بحقي بكل تماسُكي وثقتي ، مثل (قدوتي) توجان إنفجرَت اصبع الزائدة في بطن صديقي ، فقمتُ بنقله إلى المستشفى ، لكنهم طلبوا علاجه "كاش" وحين قاموا بإخراجنا من غرفة الكشف السريري ، إنتابني الغيض ، فإتصلتُ بأحد اليمنيين للإستعانه بخبرته ، لكنه لايمتلك أي خبرة ، ولن يملتكها قال لي : إسحب بطاقة صديقك وغادرا المستشفى فوراً ، لأنه جديد ولايمتلك تأمين صحي ، وقد يتم إستدعاء الشرطة. لكنني أخبرتُ الممرضة بلغة إنجليزية بسيطة : أن صديقي يعاني من ألم كبير في بطنه منذ ثلاثة أيام. فتحدثت الممرضة معه بالألمانية ، لكنه إلتزَمَ الصمت ، فهو لايعرف ماذا أخبرته صديقي أخبِرها أنك لاتجيد التحدث بالألمانية : اقول. فيقول لها بلهجته اليمنية : (أنا شاموت يادكتورة) أنظر إلى صديقي واشعر بالحزن من كلماته اليمنية البليغة ، وأتذكر حياتنا اليمنية كم مؤسف أن المرض لايقيم إعتباراً لتعاسة الناس ، المرض يد الله التي تضرب يمنةً وشمالاً دون رحمة او تفهُم وفجأة ، قالت الممرضة كلاماً لم افهمه ، فضحك جميع من كانوا في صالة الإنتظار. حينها شعرتُ بالإساءة وتذكرتُ توجان من فضلك ماذا قلتي؟ لماذا يضحك هؤلاء الناس؟ هل بإمكانك إعادة ماقلتيه باللغة الإنجليزية : أقول للمرضة بحَنَق غير مبالغ فأخبرتني بأنها قالت : لقد سمعتُ صوتك (بمعنى أنه لم يرد عليها حين تحدثَت معه أول مرة) أتصبب عرقاً من جديد في أسوأ الأماكن برودة ، ولكن ليس من شدة التوتر والتأثر بسبب النكتة السخيفة التي اضحكَت الناس ، بل لأن صديقي يتألم في المستشفى من دون أن يتم الكشف عليه حتى. وهو مالا يستحقه الآن فقط أتفهم توجان حين تطالب بحقها أشتِت توتري بالنهوض ، وأُقرِب هاتفي بيدي من الممرضة ، حتى يكاد يلتصق بأنفها. أنظر إلى كتفها الذي تنام عليه ظفيرة مقتولة من صبغة قديمة ورديئة ألفظ جملة أصيلة باللغة العربية تنبثق من الداخل ، كما لو أن أحداً آخر يقولها ، أخجل منها لشدة حقيقتها (لقد علمتني توجان البخيتي منذ أسبوع درساً عظيماً ، إقرأي) وكنتُ حينها قد كتبتُ لها في هاتفي على ترجمة google باللغة الألمانية : صديقي سوف يموت ، لن أخرج من المستشفى حتى يتم علاجه تقشعِر لوهلة ، كأنني ثقبتُ ضميرها. ثم ترتجف كالعاشقة ، لأنها لم تتوقع مني ذلك القدر من الهدوء ، فتطلب بطاقة صديقي كي تسجل معلوماته على جهاز الكمبيوتر. أمحص في وجهها ، تبدو جميلة الآن ، حتى لو أنها تفقد نعومة بشرتها وحيويتها منذ عشرين عاماً ، حينما كانت في سنتها الجامعية الأولى
الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة World News ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI